تعرف الساحة السياسية تطورات سلبية متسارعة وفقدان الحكومة المغربية بقيادة العدالة والتنمية البوصلة و الرؤية المشتركة الواضحة والتخطيط المسبق وحالة الاحتقان الكئيب المخيم على الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، بالتأكيد كل ذلك لايخدم البلد بقدر ما يتسبب بالإحباط المتكرر لدعوات ( العمل الإيجابي) ، وقد تسهم تلك الاسباب في اضافة ضبابية جديدة على العملية السياسية بل وتشارك في صناعة مستقبل بائس لا يصل بنا إلى بر الأمان ولايحقق للشعب العدالة الاجتماعية.
نعلم جيداً ان نتاج العملية السياسية كان مزيداً من التجزئة والتقسيم والانسياق الأعمى وراء اجندات تعمل جاهدة على ابقاء المغرب ضمن دائرة الضعف والوهن ، وجعل شعبهُ دون خط الفقر ويعيش في دائرة اليأس خارج نطاق اية إيجابية مجتمعية ؛ بل حتى الفساد اصبح مفصلا في مؤسسات الدولة وجزءا من ثقافة سياسية بائسة .
وطالما شبكات الفساد المستشري في جسد الدولة والعابثين خارج اطار القانون لايخضعون للعقوبة الصارمة المناسبة ، فسيتكاثرون تدميراً وخراباً لهذا الوطن المتعب والشعب المنهوب ، وقد يكون سبباً رئيساً في الأنهيار الاقتصادي والاجتماعي إن لم نتدارك الامور ونبحث عن حلول مُجديّة ، وهذا النداء لمن تبقى من العقلاء والحكماء ذوي الخبرة باحتياجات الوطن والشعب .
إن ما يرعب المواطن الكادح هو فقدان الأمل بمستقبل زاهر يحقق له جزءا من طموحه المندثر في ملعب ساسة الصدفة وحاملي الجنسية الاجنبية ممن يوالون المغرب اقل كثيراً من حجم ولائهم لفائدتهم الخاصة ، ليس لكونهم مغاربة بل لان المغرب مصدر رزقهم .
فيا بني قومنا من آل السياسة والكيل بالمكاييل الموجعة ، عودوا إلى رشدكم واعملوا جاهدين من اجل تحقيق مطالب ابناء بلدكم قبل أن تسقط سقوف الوعود الكاذبة على رأس مطلقيها ونخسر ما تبقى من خير هذا الوطن .
وبعد كل تلك المأساة المومأسسة سياسياً والتراكمات المجحفة بحق شعبنا وبلدنا وما تحقق من تراجع كبير على جميع الاصعدة دعانا الى البحث في كل تجارب العالم عن تجربة واحدة تشبه تلك التجربة التي فُرضت علينا وسميت ” ديمقراطية ” وهي لا تشبه اي ديمقراطية ، بل أكاد أجزم انها احد انواع الديمقراطيات المتخلفة التي فُرضت على الشعوب لأغراض سياسية ومصالح دولية .. فتدوير المناصب في تشكيل الحكومات بين الاحزاب هي أبرز سماتها السياسية. فكل الامم والبلدان تنام وتستيقظ على فكر جديد ورؤية واضحة وخطط تتناسب وحجم المشاكل التي تواجه البلد – إلا- في وطننا ننام وننهض على مجموعة احلام مريضة لاتعدو كونها عملية ارضاء لتلك الطائفة او الحزب بمنصب او بتمثيل في ممثليات المغرب الخارجية وكأن المغرب عبارة عن (بقرة حلوب) تُقسم حسب اهوائهم ، وبيئة طاردة غير قادرة على حماية كفاءاتنا العلمية التي بدأت تغادر البلد بسبب سوء الظروف الامنية والمعيشية ، وان قرر احد الكفاءات المغربية البقاء تمسكاً بمنهجه الوطني لايسع الحكومة ان تقول له الا مثل ما قال بنو أسرائيل لسيدنا موسى عليه السلام (اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قاعدون) ونترك الكفاءات يغادرون البلد اضطراراً أحياناً وتهديداً غالباً.
لقد أصبحت ؛ البيروقراطية السياسية ، (كور وعطي العور) التدوير والتكوير ، والالهاء والترقيع مع التلميع سياسة بالية وعلامة مسجلة لاحزابنا السياسية.. لكن إلى أين نسير وكل الأمم في فلك الرقي تسير إلا سياستنا العرجاء وكأنها لا تريد للبلد أن يتطور في حين ترى سياسيينا في سبات عميق وعند الكوارث يتخذون القرارات الارتجالية الانية والموجهة للاستهلاك و التلفيق.
فأين نحن من الأمم التي تبني استراتيجياتها لعشرات السنين على خطط مرسومة ومدروسة ؟
وأين مراكز الدراسات والتخطيط وبناء الاستراتيجيات و خطط السنوات القادمة ؟
وأين احلام الكفاءات الوطنية التى بدأت تتحطم على صخرة سياستنا العرجاء ؟ فأين وأين ووووو … الخ
نحن نعتقد جازمين ان زج الوجوه الجديدة في العمل السياسي سيزيل بعض اليأس الذي دفع الجزء الاكبر من المغاربة لمغادرة المغرب ، فالمغربي بحاجة الى سبات ليفتح عينيه على وجوه غير التي اعتاد رؤيتها منذُ عشرات السنين ، والشعب بحاجة الى ان يرى حيتان الفساد يقبعون بالسجون واموالهم تمت استعادتها الى حزينة الدولة العلوية المجيدة .
نحن اليوم بأمس الحاجة الى سياسة ناضجة ومنهج ثابت و وحدة رأي و رؤية بعيدة عن ظهور المغرب وكأنه مجموعة دول داخل الدولة ، وعندما يتحقق ذلك سنغادر سياستنا العرجاء وسنغادر معها السنين العجاف التي اضرت ببلدنا, ارضاً وشعباً, وغيبت للمغرب درواً فاعلاً داخل محيطه الاقليمي والدولي.