تترقب الاوساط المغربية تغييرًا وزاريًا واسعًا خلال الفترة المقبلة، وسط توقعات بتبديل واقالة وزراء حكومة الكفاءات الوطنية، لاسيما بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية مؤخرًا وفشل بعض القطاعات في إيجاد حلولٍ ما بعد ازمة كورونا التي شلّت كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وسيطيح هذا التغيير بعدد من الوزراء الذين فشلوا فى تدبير المهام الوزارية الموكلة اليهم، والذين اتت بهم رياح حكومة العدالة والتنمية الذين كنا نامل معهم في وضوح الرؤية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، والانتهاء مع مرحلة الانتظارية والسياسات العشوائية اللاشعبية، ففوجئنا بتغيير في ظل الاستمرارية، تغيير في الوجوه لكن استمرارية في تبني نفس سياسة العبث والانانية والمصالح الشخصية، وكان الحاضر الغائب هو التنمية التائهة والبرامج التنموية. التعديل الأخير لم يخرج عن هذا الإطار، ولم يستوعب خطاب العرش وخطاب ثورة الملك والشعب، ولم يفهم مضمون روح التغيير وفلسفة التدبير الحكومي، وعوض تغييرالاستراتيجيات تغيرت الوجوه فقط بمسمى حكومة الكفاءات.
نتساءل معها حول مآلات تغيير تركيبة الحكومات المتعاقبة في ظل التقليص من عدد الحقائب الوزارية وإدماج بعضها وحذف أخرى، وحول الجديد الممكن تحقيقه لإشكالات المديونية العامة والتضخم الاقتصادي وعجز الموازنة و انتشار البطالة والفقر والجهل والتخلف ؟
مشروعية الحكومات تُبنى عموما بمدى استجابتها لانتظارات الشعب وتدبير السياسات القطاعية بشكل يحقق التنمية والثروة، سنة 2020 ستمر كمثيلاتها بهدر الزمن السياسي واستمرار سياسات البؤس والقتل البطيء لما تبقى من مكتسبات اجتماعية ومن كرامة في حق شعب جُبل على الصبر وانتظار الرحمة الإلهية، حكومة جاحدة في شخص متزعمتها تذكرنا مرارا أن صناديق الاقتراع هي من اختارتها. حكومة عجزت في تدبير اختلاف مكوناتها فكيف ستدبر قطاعات وزارية او تبني رؤية استراتيجية بوهج وطني مع ربط المسؤولية بالمحاسبة من اجل تقوية الخيار الديمقراطي والمؤسسات. حكومة فاقدة للبوصلة همها الوحيد تصريف مشاكلها الداخلية وتحقيق المكاسب المادية والاستفادة من ريع المناصب. الزمن السياسي الحالي لا يحتمل مزيدا من العبث في ظل عدم التقاط المؤسسات حكومة وبرلمانا للإشارات الملكية ولانتظارات الشعب المثقل بالخيبات وبجروح السياسات الفاشلة المتعاقبة. آن الأوان للتعبئة الجادة والمسؤولة للكفاءات المواطنة الحقيقية التي لها غيرة عن هذا الوطن قبل أن نصل للسكتة الحكومية، لأنه ما من مؤشر ولو بسيط يؤشر لكون القادم مما تبقى من عمر هذه الحكومة المعدلة يبشر بالجديد، خصوصا وأنها سائرة في تطبيق نفس مرجعيات البرنامج الحكومي لسنوات الماضية، وأخذا بعين الاعتبار كذلك تسخينات الاستعدادات الانتخابية المقبلة التي على الأبواب، وهو ما سيكون له بالغ الأثر على التدبير الحكومي للشأن العام، وسنكون أمام تنمية مستدامة مؤجلة مرة أخرى، في ظل ظرفية داخلية ودولية حساسة لا تحتمل الخطأ أو مزيدا من الانتظارية