Site icon أروى بريس – Aroapress – جريدة إلكترونية مستقلة تصدر من إسبانيا

الى متى السكوت على هولاء الوزراء اعجوبة الزمان وعقوق العاملين

الى متى السكوت على هولاء الوزراء اعجوبة الزمان وعقوق العاملين

يونس لقطارني

دولة لا تضع النزهاء والشرفاء الأكفاء الأقوياء اصحاب الضمائر الحية في المناصب العليا الهامة والحساسة التي تحتاج لإخلاص وعمل دؤوب بكل شفافية ومصداقية ، ولا تحاسبهم على الزلات ، ولا تقيلهم على المصائب والاحداث التي هي موثقة ضدهم في تقارير وفضائح يندي لها الجبين ، أنتوقع تحقيق الإنجازات و الأهداف والبرامج التنموية التي تخدم البلاد والعباد ؟!
أي دولة تريد تحقيق الأهداف التي تضعها في استراتيجيتها وبرامجها التنموية عليها أولاً أن توفر “الفريق” أو الطاقم التنفيذي الذي يمكنه تحقيق هذه الأهداف، وعليها بموازاة ذلك محاسبة المقصر، وإبدال الضعيف بالقوي وسجن الفاسد واسترجاع الاموال المنهوبة للخزينة الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية لاننا كلنا سواسية ام القوانين و المسؤولية الوطنية.
لدينا وزراء يحتاجون لـ«خلع” مثلما يخلع الضرس المسوس من الفم، ولسنا نتجنى هنا، بل تقارير الرقابة الإدارية والمالية تثبت بأن هناك قطاعات بات الفساد شعاراً لها، والمسؤول الأول والأخير هم الوزراء و رئيس الحكومة المغربية ، ولا يُقبل أن تلقى باللائمة على من دونه بحيث يعفى هو من المسؤولية، فلو كان متيقظاً منتبهاً حريصاً على المحاسبة والمراقبة لما حصلت الأخطاء.
تخيلوا لو أننا طوال 9 سنوات، أي منذ تولي حكومة العدالة والتنمية المسؤولية الوطنية ، كانت تعمل على إبدال كل مخل بأداء مهامه، وكل مفسد، وكل مستهتر، هل كنا سنجد حجم كل هذه الأخطاء فى تسيير شؤون البلاد والعباد ؟! هل كان المال العام سيهدر بهذه العشوائية؟! وهل كان تعامل كبار المسؤولين مع المشاكل والأمور سيكون باستهتار كما يحصل من بعضهم ؟!
توجيهات جلالة الملك حفظه الله ونصره فى جل خطاباته الملكية السامية ، توجيهات طيبة وترتقي لطموح المواطنين وتهدف لصالح البلد، لكن كيف يمكن تحقيقها لو كان لدينا “منفذون” دون المستوى، أو مسؤولون لا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية ، ولأنهم لا يحاسبون بقسوة وشدة فإن الاستهتار شعارهم؟!
لكن هناك من كبار المسؤولين يسمع الكلمة من “الأذن اليمني ” ويخرجها على الفور من “الأذن اليسري”، ونقول ذلك لأن التغيير والتطوير يتطلب “أفعال”، ونحن مللنا من كثير من وزرائنا ومسؤولينا لأننا لا نرى غير “الأقوال”، ولا نرى قوتهم إلا في الردود على الصحافة حينما تنتقدهم. أرونا قوتكم في عملكم وفي قدرتكم على التغيير والاصلاح والتنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ومع ذلك نقول بأن التساهل مع كبار المسؤولين هو من يدفع بعضهم –إلا من رحم ربي- للتعامل مع المنصب وكأنه “تكريم” أو “ترفيه” أو “ترضية” أو “تأمين مستقبل”، في وقت هذا المنصب هو مسؤولية تجاه المجتمع وتجاه المواطنين، ويفترض بصاحبه أن يكون أكثر شخص يُحاسب من الدولة إن قصر أو أهمل.
حتى تقوى الدولة عليها أن تعتمد على الأقوياء والمخلصين والأكفاء، عليها أن تضع في المناصب من هم قادرون على إحداث التغيير، من يتواصل مع الناس لا أولئك الذين ينظرون للناس من فوق أبراج عاجية، من يدركون حجم المسؤولية وإن أخطأوا كانوا هم المتقدمون باستقالاتهم لا كما يحصل لدينا، الوزير أو المسؤول غارق في الأخطاء والفساد من رأسه حتى قدميه، لكن مع ذلك يظل متشبثاً بالكرسي بيده وأسنانه وأظافره وكأنه ورث ورثه عن ابائه و اجداده.
لا أدري، لماذا الدولة لا تضرب بقوة على يد كل من يخطئ وكل من يستهتر؟ لا أستوعب بأن ما تتضمنه عدة تقارير من “بلاوي و شكاوي ” لا تستدعي إقالة وزير هنا أو استجواب آخر هناك، أو محاسبة بعض من المسؤولين.
إن كانت الفكرة سائدة بأن إقالة وزير بسبب أخطاء وتجاوزات وضعف أداء هي تعني عدم حصافة من رئيس الحكومة في منحه الثقة، فإن هذه فكرة مغلوطة، إذ من يمنح الثقة لا يلام إن كان “ممنوح الثقة” ليس أهلاً لهذه الثقة، وإن كان من أولئك الذين تغيرهم الكراسي والمناصب بين ليلة وضحاها. والله نعرف أناساً كانوا بسطاء ومتواضعين، تحولوا إلى مسؤولين كبار فصاروا يتعاملون مع الناس بـ«علو واستكبار ”، هذه النوعية من المسؤولين “اتركوهم في بيوتهم” أحسن لهم وللدولة وأرحم للناس.
نحن هنا ننتقد من واقع حبنا لهذه البلد، ومن منطلق رفضنا لاستمرار منح الفرص تلو الفرص لمسؤولين وأشخاص ليلعبوا بمقدرات القطاعات في البلد بسبب هزال أدائهم وضعفهم أو بسبب تغير مسار البوصلة لديهم من العمل لأجل الوطن والناس إلى العمل من أجل أنفسهم وحواشيهم.
استعينوا بالقوي الأمين وأهل الخبرة والكفاءة، وحاسبوا من يقصر ومن يخطئ.والله لن نلوم الدولة لو أقالت كل يوم وزيراً على أخطائه أو ضعف أدائه، بل سنشيد بها لأنها حريصة على المحاسبة وعلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لكننا سنلومها إن ظلت ترى الأخطاء أمام أعينها، وإن ظلت تعرف أن فلاناً وعلاناً ليسوا أهلاً للمسؤولية لكن مع ذلك يظلون بمواقعهم، ومن يتضرر إزاء ذلك هو الوطن والمواطن.
الدولة القوية هي التي تعتمد على الأقوياء، وعلى أصحاب الضمائر الحية وعلى الكفاءات، فيزيدون قوتها قوة، ويزيدون إنجازاتها إنجازات.