Site icon أروى بريس – Aroapress – جريدة إلكترونية مستقلة تصدر من إسبانيا

معاناة الناس وهمومهم اليومية سببتها الاحزاب السياسية الفاشلة

يونس لقطارني

عندما تتلمس الواقع المغربي وتتصفح وجوه الناس وتستنطق شفاههم تجد هناك أزمة ثقة بين المواطن والاحزاب السياسية . والثقة بين المواطن والمؤسسات تنشأ دائماً من خلال ما تحققه الاحزاب السياسية من آمال وطموحات واحتياجات المواطن، وإنتماء المواطن وولاءه لتلك الاحزاب مرهونا بتحقيق متطلباته الحياتية وإذا فشلت الاحزاب في ذلك فهي تفقد مصداقيتها وثقتها لدي الشعب. وان استعادة الثقة بين الطرفين تحتاج الي عهد موثوق من جانب الاحزاب وتواجد حقيقي في الشارع وتعامل مسؤول وجاد بينها وبين المواطنين لتكون معبرة عن هموم وإحتياجات المواطن بكل فئاته وشرائحه الاجتماعية.

والاحزاب السياسية الناجحة هي التي تسمح لوزرائها ومسؤوليها بالنزول الى الشارع لملامسة هموم المواطن والاستماع الى احتياجاتهم الضرورية والعقبات التي تواجه حياتهم اليومية. من خلال التجوال بين المؤسسات والادارات وحضور الندوات واللقاءات العامة لشرح وجهات نظر الحكومة وتبرير الاخفاقات التي تحول دون تنفيذ المشاريع وأقناع الشارع بما تقوم به الحكومة المغربية.

ومشكلة الأزمة تكمن في عدم الايفاء بالوعود والعهود التي قطعتها الاحزاب السياسية على نفسها في حملاتها الانتخابية من برامج وشعارات، بتوفير الاحتياجات الادارية والخدمياتية الرئيسية التي يحتاجها المواطن وهي الامن والصحة والطرقات والمواصلات والإسكان والتعليم والرغيف اليومي. والمواطن يتطلع الى تلك الوعود التي لم يتحقق الكثير منها، وذلك مما يجعل المواطن في أزمة ثقة حقيقة. والمواطن لا يستطيع الانتظار الى رؤية ايجابية مستقبلية طويلة الامد، لانه بحاجة الى رؤية قريبة جداً تحقق له أشباع حاجاته ورغباته الضرورية.

في خضم التطورات الجديدة والتحول الديمقراطي في المغرب هناك أسباب آنية واقعة في الشارع السياسي، تتلمسها من خلال معاناة الناس وهمومهم اليومية، في خدماتهم ومتطلباتهم وغذائهم. وتعود ازمة الثقة بين المواطن والاحزاب السياسية الى الوعود الوردية التي تعطيها للمواطنين وقد أثبتت الايام أن الكثير من تلك الوعود لا اساس لها من الصحة ولا محل لها من الواقع فهي مجرد كلمات وشعارات لا تسمن ولا تغنى من جوع. والعملية السياسية في المغرب الجديد خلفت للمواطن محاصصة حزبية تركت تداعيات كبيرة على الحياة السياسية والادارية والخدماتية. فالتعثر الحاصل في الخدمات العامة هو تعبير عن الادارة السيئة والترهل لاغلب مؤسسات الدولة الادارية والخدماتية. وذلك يعود الى عدم توفر الخبرة والمهنية الكافية لإدارة مفاصل الدولة وكذلك ضعف الرقابة والمتابعة لاداء عمل تلك المؤسسات. إضافة الى وجود الفساد الإداري والمالي بشكل كبير وواضح بين صفوف تلك المؤسسات، الذي نخر جسد الدولة وشوه صورتها وأفرغ الدولة من هيبتها وشكلها. تلك السلوكيات والاخفاقات السيئة جعلت البلاد والعباد في أزمة ثقة حقيقة مع الحكومة ومؤسسات الدولة.

وعلى الناس أعادة النظر فيما طرحته من ثقة ورؤئ وتصورات في صناديق الانتخابات. لأن الأداء السياسي والاداري بالنتيجة لم يرضي طموحاتهم ولم يلب أحتياجاتهم الاساسية.

واليوم الفرد المغربي يعيش حالة من تطور الظواهر التي تهدد حياته وتهزم طموحاته بالحياة، وهي الفقر والبطالة وأزمة السكن. فقد تجاوزت البطالة أعداداً كبيراً في صفوف الشباب من كلا الجنسين فهناك آلاف من الخريجين وغير الخريجين يتربعون على قارعات الطرق تعصف بأفكارهم هواجس عقيمة ليس لها حدود، ربما تؤدي الى ضياع حقيقي لهم ولمجتمعهم. وكذلك قلة السكن وسوء صلاحيته للاستخدام الآدمي، وإنعدام توفر المياه الصالحة للشرب، وإنقطاع التيار والكهرباء. كل تلك الظروف تؤدي بالمواطن الى حالة من اليأس بالاستمرار الحقيقي للحياة وفقدان الثقة بالمؤسسات السياسية والإدارية التي هي مسؤولة عن احتياجاته الاساسية .