يونس لقطارني
لم يسبق للمواطن المغربي في تاريخ البشرية منذ قدم الزمان والمكان أن شعر بحجم اليأس والإحباط وانسداد الآفاق أكثر مما يشعر به حاليا منذ تنصيب حكومة العدالة والتنمية التي أوشكت ولايتها على الأفول لترقد فى مزابل التاريخ الابدية على الرفوف مع حكايات كان يا ما كان .
ولم يسبق للمواطن المغربي فى تاريخ جميع الحكومات المتعاقبة أن انخدع سياسيا وسقط في مصيدة الشعارات الإسلاموية الدعوية الوهمية أكثر مما خدعته خطب حزب العدالة والتنمية ومن معه من الخوانجية الذين انقلبوا على الشعب في أخطر تحايل سياسي تاريخي على مر العصور والقرون كان من بين عواقبه الكارثية ما نراه ونسمعه ونقرأه في الجرائد ومواقع التواصل الإجتماعي، من فواجع إنتحارية و اغتصابات وقتل ، وأجساد مقهورة باتت تجد في إضرام النار في نفسها خلاصها الوحيد من هنعجية قرارات حكومة العدالة والتنمية .
حقا لم يكن حزب العدالة والتنمية الحاكم سوى فصلا خريفيا قاتما على الصدور فجا غليض القلب ضاجا بالفضائح السياسية التي سوف تبصم أذهان المغاربة الذين لم يعتادوا مع هذا الحزب الإسلاموي أن يروا كل يوم غير مشاهد درامية إمتدت مدتها عشر سنين من التفقير والتجويع والتهجير حتى أننا لم نعد نبحث في عباب هذه التجربة السياسية المريرة سوى عن قشة تنقذ سفينة التايتانيك من الغرق في قعر أسوأ أزمة سوسيوإقتصادية عرفها المغرب منذ العصور القديمة…
إن وعود حزب العدالة والتنمية التي رفعها على لافتاته المدموغة والمغشوشة لم يخرج من قمقمه غير كائنات وصولية انتهازية كانت تنتظر دورها المسرحي البئيس منذ عقود خالية باحذية و ألبس بالية حول قبة البرلمان في إنتظار أن يخطأ حظنا السياسي العاثر مساره ليمسخ الربيع خريفا يفتح ابواب طقسه الكئيب على شظف العيش الرهيب .
فمن أين سنبدأ إذن محاسبة حصيلة حكومة العدالة والتنمية طيلة عشرة سنين خالية، أمن سبحتهم الإسلاموية التي تنكمن في خرزاتها الثعلبة السياسية منذ تسعينات القرن الماضي، أم من زلاتهم اللسانية السليطة وانحرافاتهم الخطابية التي طالما تطاولت على المؤسسات الواجب توقيرها بالبلاد بقوة الشرعية التاريخية وفصول الدستور، أم تطاولهم أيضا على حرمة الأشخاص العموميين، أم تدميرهم آمال جحافل العاطلين المحتجين، أم نبدأ من إفتراءاتهم على رموز شهداء اليسار المناضلين، أم من قراراتهم السياسية اللاشعبية التي نخرت كل الطبقات وخصوصا الطبقة المتوسطة حيث نغصت عليها حياتها وأوغلت في تنكيدها..
لقد تسببت حكومة العدالة والتنمية في ظهور عدة أمراض في أوساط ملايين المغاربة كإرتفاع حالات ضغط الدم والسكري وارتفاع نسبة تعاطي المخدرات والجنون وحالات الطلاق والإختفاء الطوعي هروبا من نميمة مجتمع لايرحم بغمزاته ولمزاته أم من ارتفاع أعداد الشباب الغرقى الهاربين من بؤس العطالة والباحثين عن الفردوس المفقود في بلاد الكفار بحثا عن عدالة اجتماعية ..
فكم يكفيكم يا حزب العدالة والتنمية من الغرقى والحرقى والحمقى حتى تتحقق لنا وعودكم الملغومة على هذا الشعب الطيب اللطيف المسالم الذي يفضل أن ينام على الحصير ويلتحف بالقصدير ويتضور جوعا وعطشا ، و منه من يتسول بعرض صبيانه وبناته ويقتات من قعر القمامات وينام على الأوهام والأحلام، على أن تجره مجازفاتكم السياسية اللاشعبية إلى غايات المتربصين بوطننا في الداخل والخارج.
و رغم كل الويلات.. هاهو الشعب المغربي اليوم صبورا قابلا أن يؤدي ثمن ثقته العمياء في خدعة حزبكم الذي بات الجميع مثل الفراشات المخدوعة يكتوون بلهيبه بعد أن خدعهم بنوره الإسلاموي المنافق الزائف.
ومما لاشك فيه أنكم سوف ترحلون ،بعدما نفذتم أجندتكم لتعليمات المؤسسات المالية العالمية فأفرغت جيوب البسطاء البؤساء بارتفاع الأسعار، وأغرقتم البلاد في شراك أنواع جميع القروض الدولية ، ورهنتم مستقبلنا لجشاعة كماشة الرأسمالية العالمية، وتتركم المواطنين قابعين منهكين على هذه الأرض التي جعلتم منها مطرحا للنفايات الاوربية ، وهذا الوطن الذي صار فقط مدنا يزدحم على أرصفتها عشرات الآلاف من العاطلين وأجسادا لعشرات الأمهات الكادحات اللواتي بات إحراق أجسادهن أهون لديهن على العودة إلى البيت لسد أفواه أبنائهن بالخبز الشفوي، وأهون أيضا على العيش تحت رحمة الكذب والنفاق والزيغ عن السراط المستقيم يا حزب العدالة والتنمية.