اروى بريس
بقلم الاستاذ جمال العسري -عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد
قانون مكفولي الأمة … أو قانون الضحك على الذقون ؟؟
ما هكذا ترعى الأمة أبناء شهدائها … ما هكذا تكفل الأمة أبناء شهدائها … فلنغير هذا القانون …
و نحن نعلن عن التفافنا حول قضيتنا الوطنية … القضية التي تحقق شبه إجماع وطني … و نحن نحيي تضحيات جنودنا الأبطال … هل فكرنا في أسر و أبناء شهداء و مفقودي حرب الصحراء … شهداء وحدتنا الترابية … هل تساءلنا كيف يعيش أبناء الشهداء و مفقودي الحرب … و قد ناهز عدد الشهداء الثلاثين ألفا … و كيف يرعى الوطن أبناء من ضحى بحياته في سبيله ؟؟؟
لم يتذكر المشرع أبناء الشهداء إلا سنة 1999 … حيث صدر بتاريخ 25 غشت قانون 97-33 يتعلق بمكفولي الأمة … و قعه الوزير الأول الأسبق المرحوم ” عبد الرحمان اليوسفي ” … سمي هذا القانون بقانون ” مكفولي الأمة ” … أي أن الأمة و الوطن … و كل الشعب سيكلفهم و يحتضنهم … يعمك الفرح … كما يعم أبناء و أسر الشهداء … الذين أنتظروا صدور هذا القانون حوالي ربع قرن … نعم ربع قرن … ما بين 1975 سنة اندلاع الحرب … وسقوط أولى الشهداء … و سنة 1999 سنة صدور القانون … ثم … ثم … يعم الحزن الجميع … و الصدمة مما تضمنه هذا القانون … من مواد أقل ما يمكن أن توصف بها … مواد تستحمرنا … و تستغفلنا … و تسخر منا … و تصدم و تبكي أبناء و أسر الشهداء … و إليكم أمثلة لهذه الموا المضحكة … هذا المواد البعيدة كل البعد عن معنى ” مكفوله الأمة “…
- المادة 1 : ” تتولى الأمة … رعاية الأطفال … ” فتحدد الأطفال المعنيين و هم أبناء الشهداء و المفقودين و المعطلين … و تتحدث عن أن الأمة ستكفلهم … أن سيحتضنهم الجميع … فهم تحت رعاية الوطن …
- المادة 2 : مع ثاني مادة تبدأ الصدمة … فمكفول الأمة و حسب هذه المادة يجب أن ” يبلغ أقل من 20 سنة ” !!! و لكم واسع النظر … فأصلا القانون صدر بعد حوالي 25 سنة عن انطلاق الحرب … و سقوط أول شهيد … بمعنى أن أبناء الشهداء الذين سقطوا في السنوات الأولى للحرب لا حديث عنهم … و لا كفالة لهم … مع العلم أن العدد الأكبر من الشهداء سقط في السنوات الأولى للحرب … ثم تضيف هذه المادة ” … يمكن أن يستفيد بعد السن المذكورة إذا كان يتابع دراسته أو كان عاجزا عن العمل بسبب عاهة من العاهات ” … و هنا المادة تتحدث عن الإمكانية لا الوجوب … و شتان بين يمكن … و يجب … و تتحدث عن العجز عن العمل بسبب عاهة … لا بسبب العطالة أو غيرها من الأسباب …
- المادة 10 : ” يتمتع الأطفال المعترف لهم بصفة مكفولي الأمة …. إلى حين بلوغهم سن الرشد أو الانقطاع عن دراستهم … ” و هذا معناه لا كفالة بعد سن الرشد … بعد 18 سنة … فهل هكذا نجازي أبناء الشهداء ؟؟؟ أهذا هو معنى مكفول الأمة ؟؟ هل الأمة تطرد من كفالتها كل من بلغ 18 سنة ؟؟؟ هل عجزت الأمة عن أن تكفل أبناء الشهداء طيلة العمر ؟؟ هل هكذا يستشهد الجندي و هو مطمئن على مستقبل أبنائه ؟؟؟ هل من الضروري أن يضمن المشرع شرط السن في قانونه ؟؟؟
- المادة 11 : و تقول ” إذا كان مكفولو الأمة لا يتوفرون على موارد تمكنهم من سد حاجاتهم … ” و هنا يتم التمييز بين أبناء الشهداء … هنا يميز القانون بين الشهيد الفقير … و الشهيد الغني … هنا يغيب المشرع المعنى الاعتباري للشهادة … هنا يرمي المشرع بالاعتبار المعنوي للشهادة عرض الحائط … هنا يشترط كفالة الأمة بالفقر … فيقضي على مبدأ التساوي بين الشهداء… ثم تضيف المادة ” تكفلت الدولة حسب الحالة بمجموع أو بعض المصاريف المتعلقة بالنفقة و الصحة و التمرس المهني و الدراسة الضرورية لنموهم العادي ” ….بالله عليكم ما معنى تتكفل ” بالدراسة الضرورية لنموهم العادي ” ؟؟؟ هل يعني هذا أن يتعلموا الحساب و فك الحروف … فهذه هي الدراسة الضرورية للنمو العادي ؟؟؟ شخصيا هذا ما فهمته من هذه الجملة … أو على الأصح لم أفهم منها شيئا …
- المادة 16 : انتبهوا معي جيدا لهذه المادة التي تقول ” يقبل مكفولو الأمة على سبيل الأسبقية في المؤسسات الابتدائية ” هههههه دابا هذا ماشي الضحك على عباد الله … هادي ماشي التفلية ؟؟؟ مكفولو يقبلون على سبيل الأسبقية في المؤسسات الابتدائية … على أساس أن القبول فالمؤسسات الابتدائية يتم عبر الاستحقاق … و مباريات الولوج … ثم تضيف المادة ” و يتمتعون إذا كانوا يتابعون دراسة ثانوية أو عليا بحق الأسبقية في الحصول بالتساوي في الشروط على منح دراسية ” … فعن أي أسبقية تتحدث هذه المادة ؟؟ و عن أي تمتع تتحدث ؟؟ و هي تربط الأسبقية و التمتع بالتساوي في الشروط … هل يستقيم الحديث عن امتياز لأبناء الشهداء المكفولين من طرف الأمة … و الحديث عن الشروط … و التساوي في الشروط ؟؟؟
- المادة 17 : جاء فيها ” يتمتع مكفولو وفق الشروط المحددة بنص تنظيمي ، من الأسبقية لولوج المناصب العامة بإدارات الدولة و المؤسسات العامة و الجماعات العمومية … ” فهل فعلا يتمتع مكفولو الأمة بهذه الأسبقية ؟؟ جوابي هو جواب رئيس الحكومة نفسه … جوابه جاء في المنشور 14-2012 …الصادر بتاريخ 19 يوليوز 2012 … و مما جاء في هذا المنشور ” …. فقد لوحظ أن بعض الإدارات العمومية و المؤسسات العامة و الجماعات المحلية لا تتقيد بالنصوص التشريعية و التنظيمية ذات الصلة ، لاسيما القانون المتعلق بمكفولي الأمة .. ” هذا جواب رئيس الحكومة … و هذا منشور رئيس الحكومة … و هكذا تتعامل مؤسسات الأمة مع مكفولي الأمة … و مع قانون مكفولي الأمة … و لن أضيف شيئا آخر …
و الآن و أنت تقرأ هذه الخربشة … و قد يدفعك الفضول لقراءة مواد القانون رقم 97-33 يتعلق بمكفولي الأمة … قد تتساءل : و كم تبلغ هذه الأموال المخصصة المكفولين ؟؟؟ كم خصصت الأمة لشهدائها و أبنائهم … ارجوك احبس أنفاسك … و تجلد … و تشبث بأي شيء صلب أمامك … و إليك المبلغ ” سبعمائة و خمسون درهما …. 750 درهما … شهريا ” … ليس للفرد … بل لكل أبناء الشهيد … مهما كان عددهم يقتسمون هذا المبلغ فيما بينهم … و لله في خلقه شؤون …
ألم يحن الوقت … لإعلان رفضنا كجزء من هذه الأمة … لهذا القانون الذي لا يمثل الأمة … و نطالب بقانون … يكرم فعلا أبناء الشهداء … و يكون فعلا ” قانون مكفولي الأمة ” ؟؟؟؟