بقلم يونس لقطارني-أروى بريس اسبانيا
أثار النائب البرلماني عبداللطيف الزعيم المنتمي لحزب الاصالة والمعاصرة و هو يرمي بعاملة في السجن بتهمة خيانتها للأمانة بسبب سرقة 16 بيضة من وحدة انتاجية تابعة لامبراطوريته الاولى افريقيا لانتاج البيض ردود فعل غاضبة في شبكات التواصل الاجتماعي، لأنه من المفترض ان لا تحاكم هذه المرأة الام العاملة بسبب جنحة سرقة لا تتعدى قيمتها في احسن الأحوال 10 دولارات، بل ان يحاكم اللصوص الذين سرقوا ثروات المغرب منذ الاستقلال وحتى اليوم والتي تقدر بملايين الميارات من الدولارات، ولا يزال هؤلاء اللصوص يتربعون على سدة الحكم و المناصب و الكراسي .
ما استفزني في الأمر ليس السرقة في حد ذاتها، فالبلد كله مسروق وحتى الإنسانية، إنما المؤلم أنه عندما يسرق أب او ام ربطتي “خبز”، فهذا يعني أنه لا يملك ما يسد جوع أولاده، وقد أُغلقت جميع الأبواب أمامه حتى يد المساعدة، ربما رفضت هذه المرأة التوسل أو الذل لطلب أداء فواتير الماء و الكهرباء فأخطأ وسرقت بيضا بسبب الجوع والعوز، فكان مصيرها السجن في الوقت الذي يسرح ويمرح أكبر اللصوص المغاربة !!
هي حادثة عرضية وبسيطة بالنسبة للكثيرين، لكن هذه البساطة تحمل في تفاصيلها شرحًا مفصلًا عن الحالة الإقتصادية والإجتماعية المتردية التي بتنا نعيشها، بحيث وصلنا إلى حالة أن “يسرق الإنسان خبزًا او بيضا ليأكل”!! وهذا الإنسان هو أب او ام سرق من أجل أطفاله!!
فأوضاعنا الإقتصادية غدت متردية، والحالة المعيشية بـ “الويل”، حتى باتت أحوال المغاربة من سيّء إلى أسوأ.
وفي هذا السياق، يحضرني هنا مقولة الأديب المصري “مصطفى المنفلوطي” حيث يقول في هذا الموضوع: “إن الفقر يدفع إلى الجرائم والقتل وارتكاب السرقات وأنا أقول إننا لو استطعنا أن نفهم الجريمة بمعناها الحقيقي وألا نخدع بصور الألفاظ وألوانها فإن للأغنياء جرائم كجرائم الفقر بل أشد منها خطرًا وأعظم هولًا.
فإن كان بين الفقراء اللصوص والقتلة والمشرملين وقاطعوا الطريق، فبين الأغنياء المحتالون والمزورون والمغتصبون والخائنون وأصحاب المعامل والشركات و المحروقات الذين يغذون أجسامهم بدماء عمالهم والتجار الذين يسرقون من الوطن في شهر واحد بإسم الحرية التجارية ما لا يسرقه منها جميع لصوص البلد في عشر سنة كاملة”.
طبعا ما أكثر اللصوص السياسيين في بلادنا، لكن مما يؤسف لنا أن القضاة لا يجدون نصا في القانون يعاقبونهم بمقتضاه بينما يجدون نصوصا كثيرة لفقير سرق رغيفا، فسرقة رغيف عندنا أهم من سرقة خزينة الدولة التي يملأها عمال و فقراء الوطن بعرق جبينهم، نعم لم يعد للمنبوذين و الفقراء في المغرب حق في أن يعيشوا حياة ناعمة ومنعشة كالآخرين لأنهم لو عاشوها لما استطاع الوزراء و البرلمانيون و سياسيو الغفلة وأصحاب المناصب الحكومية أن يسرقوا من الخزائن والصناديق المالية المخصصة من قبل الدولة والتي تهدف لتنمية الفقراء و المحتاجين وإنعاش حياتهم الاجتماعية في المناطق المهمشة .
وفي هذا العصر الراهن نجد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم تحقق بأوضح صوره حيث يقول المصطفى “أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد”.