مصطفى سيدي مولود
أروى بريس- اسبانيا
ما تحاوله البوليساريو و الجزائر هو أن تكون تكلفة احتفاظ المغرب بالصحراء عالية لإجباره على الرضوخ لشروطهم. من خلال حرب اعلامية ترمي الى اقناع المستثمرين في المغرب بأنه لم يعد بلدا آمنا.
المغرب مستمر في إدارة الحرب الحالية بنفس الكيفية التي أدار بها أزمة الكركرات، و مستمر في ضبط النفس رغم الاستفزازات، و هو بذلك يكسب نقاط أمام الرأي العام الدولي على حساب خصومه، حتى إذا ما تحتم عليه التدخل عسكريا شرق الحزام يكون موقفه مبررا و مسنودا دوليا
و الجزائر و البوليساريو يدركان أن أي عملية عسكرية موجعة للمغرب ستقابل برد حاسم. و الحسم معناه اتخاذ تدابير من شأنها أن تنهي الحرب في أسرع وقت ممكن، و لن تكون غير خروج القوات المغربية من الحزام الدفاعي لإبعاد مقاتلي الجبهة من المناطق شرق الحزام. لأن بقاء المغرب متخندقا في الحزام الدفاعي يجعله عرضة لهجماتها بشكل دائم.
و هذا السيناريو لا تريد اابوليساريو و الجزائر الوصول إليه لانه سيخرج الجبهة من معادلة النزاع و يدفع بقواتها الى اللجوء للاراضي الجزائرية ما سيعقد الامور في الداخل الجزائري لما تتحول البوليساريو لمشكلة جزائرية بعد ان ظلت مغربية على مدار نصف قرن. و يضع الجزائر في مواجهة مباشرة مع المغرب.
ليس من الوارد ان تتسرع الجزائر في دفع البوليساريو نحو عمل عسكري كبير ضد المغرب، بسبب وضعها السياسي و الاقتصادي الصعب، خاصة بعد ان ضمنت في القمة الافريقية الاخيرة ان يبقى معبر الكركرات على طبيعته التجارية السابقة لما قبل 13 نوفمبر.
فقد أعاقت الجزائر و حلفائها الافارقة تكامل المغرب و دول افريقيا الغربية اقتصاديا بعرقلة تمرير كابل الالياف البصرية و الطاقة الكهربائية عبر معبر الكركرات بحجة أنه يمر من أراضي متنازع عليها تتطلب موافقة جميع الاطراف.
و بعد أن ربحت الجزائر أن تأمين معبر الكركرات لن يزيد من تدفق الاسثمارات المغربية نحو إفريقيا. فستستمر في حربها الاعلامية بشكلها الحالي و لزيادة زخمها قد تتخللها بين الفينة و الاخرى بيانات عن عمليات عسكرية نوعية محدودة التأثير على الارض.
و في الآن ذاته تستمر حرب خفية حول كسب موقف مجموعة دول غرب افريقيا أو موريتانيا و نيجيريا بالخصوص. فموريتانيا إن قبلت باتفاقيات ثنائية مع المغرب في اطار التكامل الاقتصادي بين البلدين دون مراعاة للوضع القانوني لاقليم الصحراء فستجعل الطريق سالكة للاستثمارات المغربية لباقي دول المجموعة. و نيجيريا قائدة دول المجموعة يراهن الطرفين على موقفها السياسي و يتنافسان على تمرير انبوب صادراتها الطاقوية عبر أراضيهم نحو اوروبا، خاصة بعد مصادقة البرلمان الجزائري على قرار تغيير خط انبوب الغاز الجزائري نحو اوروبا من طريق المغرب الى طريق البحر.