Site icon أروى بريس – Aroapress – جريدة إلكترونية مستقلة تصدر من إسبانيا

حول الهجرة والصحراء والنظام الملكي جريدة الاتحاد الاشتراكي ترد على الباييس الاسبانية

عبد الحميد‮ ‬جماهري
كان العنوان،‮ ‬على صدر‮ ‬يومية الباييس،‮ ‬لعدد‮ ‬يوم‮ ‬14‮ ‬يونيو‮ ‬الجاري،‮ ‬يشي‮ ‬بأن الموضوع‮ ‬يتعلق بأسباب الخروج من المغرب‮»‬،‮ ‬على ضوء أحداث سبتة الأخيرة،‮ ‬في‮ ‬التقديم الذي‮ ‬وضعته للموضوع تحدثت عن‮ «‬هجرة عشرة آلاف شخص‮» ‬إلى المدينة السليبة،‮ ‬وما استوجبه من‮ «‬أسئلة‮ ‬غياب الأفق في‮ ‬البلاد وسلطوية النظام‮».‬
‮ ‬وإلى هذا المستوى،‮ ‬يبدو أنها لم تغادر الشبكة المعتادة في‮ ‬قراءتها الموضوعاتية لما‮ ‬يقع في‮ ‬البلاد،‮ ‬غير أن الذي‮ ‬يختتم‮ ‬به قارئ اليومية قراءته،‮ ‬هو انتقالها،‮ ‬من الحديث عن الهجرة والحلم الأوروبي‮ ‬لدى جزء من شباب المغرب،‮ ‬إلى ربط تعسفي‮ ‬متحامل بين الحكم الذاتي‮ ‬وطبيعة النظام في‮ ‬المغرب،‮ ‬أي‮ ‬الملكية‮.‬
هل نتفاجأ؟
هل نغضب؟
‮ ‬في‮ ‬الواقع لا‮ ‬يمكن أن نتهم‮ «‬الباييس‮» ‬بأنها تخيط قبعة لرأس لا توجد،‮ ‬ولا أن نتهمها بأنها تلوي‮ ‬عنق الحقيقة ليدخل التحليل الجدلي‮ ‬من ثقب في‮ ‬العقل‮!‬
فإلباييس تدري‮ ‬ما تفعله،‮ ‬ولذلك فهي‮:‬
أولا،‮ ‬تعرف بأن القضيتين،‮ ‬اللتين طغتا في‮ ‬الآونة الأخيرة على سطح الأبيض المتوسط،‮ ‬هما قضية استضافة ابن بطوش،‮ ‬وبالتالي‮ ‬قضية الموقف الإسباني‮ ‬من قضية الوحدة الترابية المغربية،‮ ‬ثم قضية الهجرة التي‮ ‬تداعت لها كل أمم أوروبا،‮ ‬كما‮ ‬يتداعى الأكَلة على قصعة كسكس‮!‬
وكان واضحا أن المقاربة وركن الزاوية لدى الباييس لم‮ ‬يخرجا عن المنطق الذي‮ ‬اعتمدته الديبلوماسية الإسبانية،‮ ‬أي‮ ‬كون الموضوع سبب الأزمة هو الهجرة‮.‬
وفي‮ ‬هذه تكون الباييس تواصل مهمتها في‮ ‬الجهر بمواقف الخارجية،‮ ‬ورئاسة الحكومة،‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬كانت سببا في‮ ‬بداية التناقضات،‮ ‬وتأجيجها‮.‬
ولم‮ ‬يعد سرا أن مقالها ليوم‮ ‬17‮ ‬مايو الأخير،‮ ‬بإيعاز من‮ «‬مونكلوا‮»‬،‮ ‬كان له وقع صب الزيت على النار‮.‬
‮ ‬سيكون من المنطقي‮ ‬أن تواصل الباييس‮« ‬سياستها الإعلامية‮ (‬وليس خطها التحريري‮) ‬في‮ ‬الترويج لأطروحة الحكومة في‮ ‬بلادها،‮ ‬من زاوية حشر المشكلة في‮ ‬دخول المهاجرين إلى سبتة المحتلة‮.‬
ثانيا،‮ ‬تعرف‮ «‬إلباييس‮» ‬أن الأصل في‮ ‬الأشياء،‮ ‬بالنسبة للمغرب،‮ ‬هو قضيته الوطنية،‮ ‬والموقف منها،‮ ‬والاستراتيجيات العدائية التي‮ ‬بنتها بلاد الإسبان‮..‬
ولهذا تريد أن تفرغ‮ ‬هذا الموقف من محتواه،‮ ‬عن طريق التشكيك في‮ ‬قدرة المغرب على إيجاد الحل،‮ ‬وتحرير إسبانيا من الإجابة عن الأسئلة التي‮ ‬طرحتها الرباط،‮ ‬بهذا الخصوص‮.‬
كيف ذلك؟
بالاستعانة بتصريحات المناضل الجذري‮ ‬فؤاد عبد المومني‮ ‬اعتقادا منها أنها ستضرب مشكلتين بحجر واحد‮.‬
سبب الهجرة هو النظام السلطوي‮ ‬والخلاصة أن إسبانيا بريئة‮ ‬والمغرب هو المسؤول عن المعضلتين‮.‬
في‮ ‬الواقع لم تأت التصريحات بجديد،‮ ‬في‮ ‬ما‮ ‬يخص مصدرها،‮ ‬والجديد هو تحيينها ووضعها كموقف‮ «‬شجاع‮» ‬وحده صاحب التصريحات‮ ‬يمكنه الإدلاء به في‮ ‬هذه الآونة،‮ ‬لتضعه خارج الجدار المتحرك كما رسمه القائد عبد الرحيم بوعبيد،‮ ‬رحمه لله،‮ ‬في‮ ‬الدفاع عن الديموقراطية والوحدة معا‮.‬
يقول الرفيق عبد المومني‮: ‬
‮«‬الاستبداد الملكي‮ ‬يمنع حل نزاع الصحراء،‮ ‬والذي‮ ‬بدوره‮ ‬يمنع تطور المغرب والمنطقة‮».‬
‮«‬لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون هناك استقلال ذاتي‮ ‬حقيقي‮ ‬في‮ ‬دولة‮ ‬يتمتع فيها الملك بسلطة مهيمنة على السلطتين التنفيذية والقضائية‮».‬
‮«‬سيستمر هذا الوضع في‮ ‬دفع المسؤولين المغاربة نحو استراتيجيات تضر بجيرانهم‮».‬
وعلى‮ ‬غير ما تعتقده‮ «‬الباييس‮» ‬فهذه الصيغة ليست جديدة بالمرة،‮ ‬بل هي‮ ‬صيغة متحورة لمقولة قديمة،‮ ‬لطالما رددتها قوى اليسار الراديكالي‮ ‬من صناع البؤرة الثورية،‮ ‬مفادها أن‮ «‬النظام‮ ‬شرع في‮ ‬التحرير للتنفيس عن تناقضاته الداخلية‮» ‬تارة،‮ ‬أو‮ «‬لتجريب إمبريالية صغيرة في‮ ‬الجنوب‮».‬
هذا التيار الذي‮ ‬يعبر عن نفسه في‮ ‬مغرب اليوم بكل حرية،‮ ‬وببيانات تنشر على العموم،‮ ‬كان‮ ‬يروم وقتها أن‮ ‬يستدعي‮ «‬لينين‮» ‬على وجه الثورة ليقدم الخدمة لفرانكو‮ ‬أو لنظام الهواري‮ ‬بومدين،‮ ‬وتحالفهما المبتذل والهجين،‮ ‬الذي‮ ‬يعاد تركيبه اليوم في‮ ‬سلالة متحورة من التحالفات‮ ‬غير الطبيعية‮.‬
بقراءة‮ «‬التراث الجيو-جدلي‮» ‬إذا صح التعبير لهذه المدرسة،‮ ‬نعرف بأنها تميل إلى حلول في‮ ‬قضية الصحراء ليس من ضمنها وحدة الوطن‮. ‬وعليه فإن التشكيك في‮ ‬قدرة المغرب على الالتزام بالحكم الذاتي‮ ‬بالصيغة التي‮ ‬وردت بها في‮ ‬استشهادات‮ «‬إلباييس‮»‬،‮ ‬لا‮ ‬يريد الدفع نحو المزيد من الديموقراطية،‮ ‬ولا فصل السلط،‮ ‬ولا حسن الجوار،‮ ‬بقدر ما أنه‮ ‬يريد أن‮ ‬يدعو إلى أفكار ومفاهيم بالخُلْف،‮ ‬يحتفظ بها المستودع الإيديولوجي‮ ‬للأفكار المتقادمة كتقرير المصير،‮ ‬تلك الذي‮ ‬يؤمن بها من قال بهذا‮.‬
بقية ص‮: ‬4