رشيد نيني
لماذا سيشكل دخول حزب الأصالة والمعاصرة إلى الحكومة عطبا سياسيا سيعيق الانسجام الحكومي ؟
ببساطة لأن الشعب سيقوم بمقارنة بين ما كان يقوله عبد اللطيف وهبي حول رئيس الحكومة عزيز أخنوش في أوج الحملة، من اتهامات باستعمال المال واتهام لذمته المالية في تناغم تام مع ما كان يقوله بنكيران وقيادات حزب العدالة والتنمية، وبين ما أصبح يردده اليوم من غزل حول أخنوش وحزبه طمعا في إدخاله للتحالف الحكومي.
ولإن تمكنت الطبقة السياسية من هضم هذه
المفارقة فإن الرأي العام لن يستطيع ذلك وسيرى فيها تناقضا صارخا في موقف حزب، (البام)، كان إلى حدود الأمس يهاجم بشراسة رئيس الحكومة الحالي، (أخنوش)، واليوم يجلس بجانبه في الأغلبية الحكومية بعدما وصل الأمر بوهبي حد التشكيك في العملية الانتخابية برمتها لوكالة الأنباء الفرنسية.
وإذا كانت ذاكرة وهبي قصيرة ونسي كل الاتهامات الخطيرة التي كالها لحزب التجمع الوطني للأحرار ولزعيمه فإن ذاكرة اليوتوب لا تنسى ولازالت تحتفظ بكل هذه التصريحات النارية، مثلما لازالت تحتفظ بصور تحالفه مع العثماني وحزبه وتوقيعهما لبلاغ الهدنة والتعاون، مثلما لازال يحتفظ بالبلاغ الثلاثي الذي وقعه البام مع التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية ضد حزب أخنوش في عز الحملة الانتخابية والذي قالوا فيه حوله وحول حزبه ما لم يقله مالك في الخمر.
وهبي اعترف بعظمة لسانك أن قيادات في حزبه تضغط عليه كي يشارك في الحكومة ويحصلوا على حقائب وزارية، ووهبي وعدهم بأنه سيحقق لهم هذه الأمنية المشروعة، سوى أن الحكومة ليست غنيمة حرب بل مؤسسة دستورية يجب أن يراعى في تشكيلها الانسجام والفعالية والكفاءة.
الخطأ الذي اقترفه وهبي هو أنه راهن بكل ما يملك من رصيد على العدالة والتنمية، لكنه اكتشف أن رهانه كان على الجواد العاثر. فقد كانت خطته هو أنه إذا حصل حزبه على المرتبة الأولى فإنه كان سيتحالف مع العدالة والتنمية، ويدفع الأحرار نحو المعارضة، وإذا ما حدثت المفاجأة وحصل العدالة والتنمية على المرتبة الأولى فإنه كان سيتحالف معه، وفي كلتا الحالتين سيدفعان بالأحرار نحو المعارضة. وبهذا وضع وهبي بيضه كله في سلة واحدة وفي الأخير اكتشف أن مراهناته لم تكن في محلها. فالجواد الذي تمنى سقوطه نجح في الدخول أولا فيما الجواد الذي وضع فيه ثقته وآماله وصل لاهثا في المرتبة الأخيرة.
الناس صوتوا لحزب الأحرار لأنهم يعتقدون أن برنامجه سينقذ البلد من الأزمة التي حلت به منذ عشر سنوات، ولذلك فإن الحزب الذي سيحاكم في النهاية أمام محكمة الرأي العام هو حزب الأحرار وزعيمه وليس حزب البام أو غيره. وعليه ففي مفاوضات تشكيل الحكومة لا يجب أن يتم إغفال هذه الحقيقة والخضوع لمنطق الترضيات أو الابتزازات أو التوافقات. ففي نهاية المطاف فمسؤولية نجاح أو فشل الحكومة سيتحملها حزب التجمع الوطني للأحرار وحده أمام الشعب.
السياسة في نهاية المطاف هي حلبة سباق، من لا يصل أولا عليه القبول بالهزيمة وانتظار السباق المقبل، وليس التوجه إلى شباك بيع التذاكر والمطالبة بإرجاع قيمة المبلغ الذي تم الرهان به.
“راكم كنتو عارفين من النهار اللول أنكم لاعبين قاروضي ماشي ضاحوكي”.