يونس لقطارني – أروى بريس
تعد الاستخبارات المغربية واحدة من أفضل أجهزة الاستخبارات حول العالم؛ وذلك نظرًا لقدرتها العالية في مواجهة التنظيمات الإرهابية وما يرتبط بها من خلايا نائمة، عبر تبنى آليات متكاملة وغير تقليدية في المواجهة؛ حيث تمكنت من تبني مقاربة أمنية صارمة، عقب أحداث 16 مايو 2003، من خلال اعتماد سياسات استباقية تستهدف تفكيك الخلايا المتطرفة والإرهابية، قبل أن تتمكن من شنِّ هجمات إرهابية، خاصةً بعد أن قامت بتعزيز استراتيجيتها بإنشاء المكتب المركزي للأبحاث القضائية، والمختص بقضايا الإرهاب والاتجار بالمخدرات والأسلحة.
وصنف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تقرير له صادر في يوليو 2015، المخابرات المغربية بأنها الأقوى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط؛ نظرًا لما تقوم به من جهد في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وقد جاء هذا التصنيف الأممي بالنظر إلى ما يقوم به جهاز الاستخبارات المغربية من جهد متميز في رصد وتتبع تحركات الجماعات المتطرفة بمختلف أشكالها، داخل الأراضي المغربية وخارجها، وهو ما مكنّها من درء مخاطر الإرهاب والجرائم المهددة للأمن القومي المغربي.
وجزء كبير من التفوق الواضح للاستخبارات المغربية تمثل في تمكنها من تفكيك العديد من الخلايا النائمة، وهو ما أسهم في منع هجمات إرهابية عدة كانت تستهدف مصالح حيوية داخل البلاد، فضلًا عن اعتقال العشرات من العائدين من سوريا والعراق وليبيا بفضل المنظومة الأمنية المتطورة والتي تعززت بإجراءات عدة استباقية وتشريعات جديدة لمراقبة المتشددين وتوقيف العائدين من بؤر التوتر، وهو ما يشير إلى أن الجهاز يمتلك منظومةً أمنيةً لديها كثير من المعلومات الوافية عن جميع الإرهابيين الفعليين والمفترضين.
وبفضل تفوق جهاز الاستخبارات، تمكنت المملكة المغربية من تجاوز الظروف السياسية والأمنية المعقدة التي تمر بها منطقة المغرب العربي والساحل؛ بسبب التهديدات الإرهابية، وهو ما جعلها نموذجًا يُحتذى به؛ حيث أثبتت الرباط قدرتها على التعامل مع التحديات الأمنية بنجاح وكفاءة بشهادة المراقبين، رغم كون المغرب محاط جغرافيًّا بمجموعة من أبرز البؤر الإرهابية، المتنوعة والمتداخلة فى منطقة الساحل والصحراء، والتي تتميز بعدم التمركز في منطقة محددة، وإنما تتمدد وتنتشر في العديد من دول تلك المنطقة، ما بين جنوب الجزائر وتونس وشمال مالى وتشاد والنيجر، لاسيما فى ظلِّ الهشاشة الحدودية التي تتسم بها تلك المنطقة، خاصة فى ظلِّ ضعف بعض جيوش تلك المنطقة، وعدم قدرتها على حماية حدودها بشكل جيد، لاسيما في ظلِّ اتساع تلك الحدود وتمددها.
ذلك التميز والتفوق الواضح للاستخبارات المغربية في مواجهة الإرهاب وصيانة أمن البلاد من مخاطره، في حالة السيولة والتنوع الذي يتسم به الإرهاب في تلك المرحلة، يطرح تساؤلًا مهمًّا حول عوامل قوة الاستخبارات المغربية في مواجهة العناصر والتنظيمات الإرهابية، التي صارت تمثل صداعًا مزمنًا للعديد من دول العالم، في ظلِّ قدرتها الكبيرة على شنِّ هجمات دموية تطول الدول والمواطنين على حد سواء.
وفي ضوء ما سبق، فإن الأرقامُ والمعطيات فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب في المغرب، خاصة فيما تتعلق بتفكيك الخلايا النائمة، تدل على مدى قوة ومهارة الاستخبارات المغربية في مواجهة الإرهاب والتطرف بشكل عام، وأنها تمثل نموذجًا جيدًا يمكن أن يُحتذى به في دول المنطقة، لاسيما في ظلِّ القدرة على التصدي لظاهرة الإرهاب، خاصة وأن المملكة محاطة بشبكة معقدة ومتداخلة من التنظيمات المتطرفة التي تنشط في شمال وغرب أفريقيا، والتي تتنوع ما بين المجموعات القاعدية والداعشية التي توجد في دول قريبة جغرافيًّا من المغرب.
ومن جهة أخرى فإن نجاح الاستراتيجية المغربية في مجال مكافحة الإرهاب يؤكد أهمية اعتماد مقاربة شمولية، تكون قادرة على الإحاطة بكل عوامل التطرف ومسبباته الاجتماعية والدينية والفكرية، وهو ما يحتاج إلى رؤية تكشف المزيد من العوامل النفسية والاجتماعية، إلى جانب وجود سياسة أمنية ذات فعالية على الأرض تستطيع عزل الجماعات المتطرفة وتمنع تمددها الإقليمي والمحلي.