الرشيد منتصر مراكش |
جنيفر سوبوكي، متطوعة أمريكية، رفقة أعضاء فريق برنامج من مزارع إلى مزارع خلال لقائهم بمجموعة من المزارعين المحليين في بلدية أولاد عبد الله – جهة بني ملال خلال زيارة ميدانية |
أصبحت الزراعة العضوية نظامًا زراعيًا يعتمد على تقنيات حديثة تحسن وترفع من الإنتاجية، مثل تناوب المحاصيل، والتنويع بين السماد الأخضر ومخلفات المحاصيل والسماد العضوي، والوقاية البيولوجية ضد الحشرات المضرة بالمحصول. لهذا، قد يكون من الصعب إنجاح هذا النوع من الزراعة في بعض مناطق العالم ذات المناخ الرطب، أو تلك التي تواجه بعض الآفات أو انتشار الحشرات. ومع ذلك، فإن الزراعة العضوية تضمن غالبًا مزايا كبيرة مقارنة بالأنظمة التقليدية، من حيث تحسين نمط عيش الحيوانات وتقليل الأثر البيئي. ويواجه المزارعون الذين اختاروا طريق الزراعة العضوية عددًا من التحديات، أبرزها انخفاض أسعار السلع في السوق والمنافسة الدائمة من المزارعين التقليديين، أو من مزارعين “عضويين” آخرين. تجتمع هذه العقبات فتجعل من الصعب على الكثير من المهتمين في هذا النهج العضوي مواصلة مشوارهم براحة وتركيز. إلا أنه وفي ظل كل هذه التحديات، أصبحت الزراعة العضوية مكونًا حيويًا لا غنى عنه من أجل تطبيق معايير الزراعة المستدامة حول العالم. إضافة إلى ذلك، تشكل الزراعة العضوية بديلًا عمليًا للنظام التقليدي في العديد من المزارع الصغيرة، لا سيما تلك المناطق المنخفضة الدخل نظرًا لندرة الموارد الطبيعية. وفي المقابل، تلجأ المزارع الكبيرة، حيث تتوافر الموارد بشكل أكبر، إلى التقنيات التقليدية – القائمة على استخدام الآلات وسقي نطاق واسع من الحقول – وهو ما قد يزيد من تعقيد مهمة أصحاب الحقول الصغيرة ويرفع سقف التكاليف التي ستمكنهم من رفع إنتاجيتهم واستهداف سوق أوسع. ومع ذلك، يمكن لصغار المزارعين المساهمة بشكل كبير في تشجيع الانتقال نحو الزراعة العضوية، وذلك من خلال إنشاء نقابات تركز على تعميم هذا النهج المهم ونشر مبادئه، وسيرفع هذا الجهد الجماعي فرص وحضور الزراعة العضوية على الصعيد المحلي إلى مستويات أفضل مما هو عليه الحال، وبالتاي سيؤثر ذلك بشكل إيجابي على آلاف العائلات. علاوة على ذلك، يستمر منحنى طلبات وإقبال المستهلكين عبر العالم على المنتجات العضوية في الارتفاع نظرًا لكون الناس أكثر وعيًا بأهمية صحتهم ودور الغذاء الطبيعي وجودة الأطعمة التي يتناولونها في حفظها، والبيئة التي تزرع فيها الأطعمة. وفق إحصائيات حديثة، حققت المنتجات الغذائية العضوية وغير الغذائية زيادة بنسبة 11.3٪ في المبيعات بين عامي 2013 و 2014. وفضلًا عن هذا كله، إذا نظرنا إلى تاريخ الصادرات المغربية السنوية من المنتجات العضوية، فلا يمكننا إغفال الزيادة الواضحة التي تعكس تطور القطاع. |
تطور الصادرات المغربية السنوية من المنتجات العضوية (بالطن). (مصدر الصورة: مقتبس من قسم الإنتاج النباتي – مديرية تنمية سلاسل الإنتاج، وفق إحصائيات المؤسسة المستقلة لمراقبة وتنسيق الصادرات، بيانات غير منشورة) |
“المحاصيل الأساسية التي تصدرها البلاد هي الحمضيات والخضروات الطازجة مثل الطماطم والكوسة، والبطاطا، والفلفل الحلو والحار، والباذنجان، والبازلاء، والبصل، والجزر، والثوم، والخيار، والفواكه الطازجة مثل الزيتون، والبطيخ، ومحصول الحقول البرية، مثل زيت أرغان، والنباتات الطبية والعطرية الطبيعية.” والأهم من ذلك، تعمل مؤسسة الأطلس الكبير جنبا إلى جنب مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، من خلال برنامج مزارع إلى مزارع، على النهوض بمجال الزراعة بمشاركة فئات المجتمعات المحلية المغربية، لا سيما فيما يتعلق بالتحول من الزراعة التقليدية إلى الزراعة العضوية. وقد عمل البرنامج على تكليف خبيرة أمريكية متطوعة، السيدة جينيفر سوبوكي، لتكون جزءًا من هذه العملية الأساسية، عبر تقديم ورشات عمل تدريبية تبرز فوائد الزراعة العضوية للتعاونيات. |
السيدة جنيفر سوبوكي، متطوعة أمريكية، تقدم ورشة عمل تدريبية للمزارعين المحليين في بلدية ولاد عبد الله – جهة بني ملال |
احتضنت تعاونية “أغري بيو أطلس” أول ورشة عمل تدريبية بجهة بني ملال حول عناصر الزراعة العضوية. وخلال التكوين، ناقشت المتطوعة الأمريكية جينيفر مبادئ الزراعة العضوية مع من حضر من أعضاء التعاونية، وعرضت المكونات الحية للتربة والخطوات التي يمكن للمزارعين في المنطقة اتخاذها في الحاضر لضمات استدامة وجودة التربة، خاصة ما يهم اختبار التربة وتحليلها، وتحويل السماد بشكل صحيح، وتناوب المحاصيل وتنوعها، وزراعة الغطاء الأخضر والجاف. طرح المزارعون أسئلة محددة بخصوص درجة الحموضة في مياه الآبار، ومدة بقاء المعادن والعناصر المغذية في التربة بعد تسميد الروث، وكيفية التحكم في الأعشاب والحشرات الضارة، والآفات التي قد تهدد مزارعهم. كانت هناك أيضًا فرصة للقيام بعمل ميداني، حيث انتقل المزارعون، مع فريق برنامج من مزارع إلى مزارع وجنيفر، إلى الحقول وأجروا اختبار نسيج التربة بأيديهم. بعد هذا الاختبار، بدا لهم أن التربة طينية رملية. وقاموا أيضا بفحص التربة بحثًا عن كائنات حية، ثم قارنوا حقلاً تم حصاده حديثًا بحقل آخر تعرض لتقليب شديد بآلات الحرث المزودة بأقراص. بفضل هذه العملية، تمكنوا من تحديد موقع بعض الآفات والأعشاب الضارة التي تسببت في مشاكل عانا منها المزارعون لسنوات. |
السيدة جينيفر سوبوكي، متطوعة أمريكية، مع السيد عزيز تاوري، مزارع بالمنطقة، أثناء عملية اختبار التربة ويحرص أعضاء فريق برنامج “من مزارع إلى مزارع” والمتطوعة الأمريكية على تتبع ومواكبة المزارعين المغاربة من أجل تقديم الخبرة الفنية والموارد الممكنة. ويتماشى هذا التحول مع الصورة المستقبلية التي رسمها المزارعون المحليون لبداية الجيل التالي من مناهج الزراعة العضوية. الرشيد منتصر، مدير إقليمي بمؤسسة الأطلس الكبير، مشرف على برنامج من مزارع إلى مزارع التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في المغرب. |