يونس زهران أروى بريس
في الوقت الذي يدعي فيه وزير الخارجية الإسباني ألفارو ألباريس عن مد يده المتكرر للمغرب من أجل العمل على التقارب المغربي الإسباني ، ينحى رئيسه في الحكومة بيدرو سانشيز منحى مضاد و يأبى إلا أن يقوض كل الجهود و يكرس عدم الثقة التي تتسم بها نظرة الرباط إلى مدريد .
فخلال القمة الأوربية الإفريقية التي حضرها زعيم المرتزقة بضغط من الجزائر و جنوب إفريقيا و نيجيريا على الإتحاد الإفريقي ، لم يعر الزعماء الأوربيين أي أهمية لدمية قصر المرادية ، ماعدا رئيس الحكومة الإسبانية الذي استقبله كزعيم .
ترى ما هي الرسالة التي تريد أن تبعثها إسبانيا للمغرب ؟! و من خلالها للجزائر ، حيث يبدو أن الغاز الجزائري يكبل أيدي وأرجل الإسبان الذين يبدو من خلال سلوكياتهم أنهم يتخبطون دبلوماسيا ، و لا يعرفون أي طريق سيسلكون ، فهناك إكراهات الغاز الجزائري ، و الحصار الإقتصادي المغربي الذي ضرب الجنوب الإسباني و الذي يكبد الاقتصاد الاسباني ملايين الدولارات كل سنة ، جعل الحكومة الاسبانية تنقسم إلى قسمين قسم يكوي و قسم يبخ . لكن هذه الحيل لن تنطلي على الرباط التي تريد من إسبانيا موفقا صريحا و واضحا من قضية المغرب الأولى و التي ستضع إسبانيا في وضعها الصحيح في أعين الرباط ، التي ترفض الوقوف في المنطقة الرمادية و القفز على حبلين لن يزيد العلاقات إلا تأزما في ظل الاستفزازات المتكررة لمدريد تجاه الرباط .
سقوط الدبلوماسية الاسبانية في فخ الجزائر و القبول بإملاءته مقابل الغاز جعل الحكومة الاسبانية لعبة في يد جنيرالات الجزائر ، فمن أجل الغاز بثمن بخس استرخصت الحكومة الاسبانية نفسها من أجله ، لتضرب بالعلاقات المغربية الاسبانية عرض الحائط ، هذه السلوكات لم تفاجئ المغرب لأنه يعلم جيدا أن مصالح اسبانية تم ضربها بشكل جيد في المغرب حيث باتت المدينتين سبتة و مليلية عبئا على الاقتصاد الاسباني بعدما كانتا مصدر ثروة . علاوة على افتتاح المنطقة التجارية بالفنيدق البلدة المحاذية لسبتة و قرب افتتاح منطقة تجارية أخرى في بني نصار البلدة المحاذية لمليلية كلها إجراءات حولت من هاتين المنطقتين إلى منطقتين حرتين ، مع استفادة بعض سكان سبتة و مليلية من محلات لممارسة تجارتهما كما كان داخل الثغرين ، يجعل من المغرب في موقف قوة ، تحاول اسبانيا التغطية على ضعفها أمام هذه الإجراءات بسلوكات أقل ما يقال عنها أنها صبيانية يمارسونها مراهقون سياسيون ، يستبعدون تدخل القصر الإسباني لتقويم سلوكهم الأرعن الذي يجنح بإسبانيا إلى منطقة البلدان الغير المؤثرة في ساحة شمال افريقيا التي أظهر فيها المغرب نفسه كقوة إقليمية تحدث التوازنات في شمال إفريقيا ، و خير دليل على ذلك احتضانه لتقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين الذين يعتبرون اتفاقيات الصخيرات خريطة طريق لأي اجراءات مستقبلية في ليبيا . مثل هذه المبادرات أزعجت الدول الإقليمية وعلى رأسها اسبانيا و الجزائر . اللذان يعتبران أي نجاح للمغرب في هذا الملف يبوئه مرتبة متقدمة أمام المنتظم الدولي كبلد راع للسلام و يمكن الإعتماد عليه في عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام الدولي .
إن أي تقارب بين مدريد و عصابة البوليساريو لن يزيد مدريد إلا غوصا في وحل التخبط و التيهان ، فالاعتماد على حصان أعرج للي ذراع المغرب رهان خاسر . و الامتثال لأوامر حصان هرم للقفز داخل حلبة العلاقات المغربية الاسبانية سلوك أرعن .
المغرب ماض في تنمية مناطقه الجنوبية و استثمارات الدول الصديقة و الحليفة خير دليل على ذلك و خصوصا الأشقاء الخليجيين الذين عبروا غير ما مرة عن مساندتهم المطلقة دون قيد أو شرط للمغرب في قضيته ، كيف لا وهم شاركوا المغرب في ملحمته التاريخية التي حررت أقاليمنا الجنوبية في المسيرة الخضراء .
تهرب و هروب إسبانيا من تحمل مسؤوليتها التاريخية لن يطول ، الأمور تتسارع و الوقوف في المنطقة الرمادية سيزيد من عزلة مدريد ، عندئذ سيكون الوقوف في المنطقة البيضاء أشبه بالمستحيل .
يونس زهران أروى بريس