يونس زهران- أروى بريس
مونتاج وإخراج- امين احرشيون
منذ إعلان الجامعة عن مكان مبارة نهائي كأس العرش بين الجيش الملكي و المغرب التطواني ، وجهت سهام النقد إليها بسبب طول المسافة بين مدينة أكادير و مدينة تطوان من جهة (حوالي 900 كلم ) و مدينة الرباط من جهة أخرى ( حوالي 700 كلم) . مما سيحرم العديد من مشجعي الفريقين من التنقل إلى مدينة أكادير . لكن الجامعة كان لها رأيا آخر و أصرت على ملعب المبارة ، ربما هو اختيار خارج إرادة الجامعة ، لكنه يبقى اختيارا لم يلبي طموح الجماهير التواقة إلى الذهاب بكثافة لتشجيع فريقها المفضل .
لكن ما إن وطأت أقدامنا عاصمة سوس حتى تفاجأنا كطاقم إعلامي من اختيار هذه المدينة التي أصبحت فيه ورشا مفتوحا في كل أماكن المدينة ، لم يسلم شارعا واحدا من الحفر .
فتساءلنا في قرار أنفسنا ، كيف يمكن لأكادير أن تحتضن نهائي في كأس العرش و ما يحمله هذا الكأس من قيمة رمزية في البلد ، و حضور شخصيات وازنة و المدينة مثل محل المتلاشيات ، حفر هنا و هناك و أسلاك كهربائية ممددة و قضبان حديد و ….
لكننا لم نجد تفسيرا لهذا الاختيار ، هل هو متعمدا لكي لا يحضر جمهور الفريقين بكثافة ؟ و بذلك يمر النهائي في جو مخفف ؟
لكن حضور جماهير الفريقين كذب هذا التكهن و خصوصا جمهور المغرب التطواني الذي حضر من عدة مدن مختلفة داخل المغرب و من الخارج كذلك ، حيث قدر عددها ب 25000 متفرج ، و كذلك جمهور الجيش الملكي الذي قدرته بعض المصادر ب 10000 متفرج .
يوم قبل المبارة :
عندما قصدنا ملعب أدرار يوم الجمعة لاستخلاص البطائق الخاصة بتغطية أجواء المباراة أثار انتباهنا موقع الملعب ، حيث لا توجد مواصلات و لا محلات تجارية لتبضع بعض الأغراض ، حتى قنينة ماء يلزمك العودة إلى قلب المدينة لاقتنائها ، و إلا فستهلك عطشا .
أما شكل الملعب الخارجي فلا يوحي بأنك أمام الملعب سوى اليافطات و القليلة جدا ، أما محيط الملعب فهو صحراء قاحلة مليئة بالحجر من كل الأنواع و الأحجام تسهل مأمورية المشاغبين و تساعدهم في إشعال فتيل الشغب .
بعد مشاهدة هذا المنظر الغير المشرف لمحيط الملعب ، تساءلنا فيما بيننا . هل فعلا هذا الملعب كان مرشحا لاحتضان مباريات كأس العالم ؟ هل فعلا زارته لجنة الفيفا و أثنت عليه كما سُوِّقَ لنامن قبل ؟
لكن سرعان ما أدركنا عدم نجاحنا في الظفر بتنظيم المونديال ، فظهور السبب يبطل العجب .
بعد ولوجنا إلى المكتب المكلف بتوزيع البطائق الخاصة بتغطية المباراة أثار انتباهنا العشوائية التي تتم بها العملية ، حيث لا تخضع لمسطرة معينة كما هو معمول بها ، بل تخضع لمسطرة أخرى لاتوجد إلا في مخيلة المسؤولين عن التوزيع .
بعد انتهاء المهمة عدنا أدرجنا إلى وسط المدينة التي لاتوحي أبدا أنها تستعد لحفل كروي ، نعم كأس العرش ليس مباراة في كرة القدم و منافسة فقط ، بل عرس كروي يحب الاحتفال فيه لقيمته الكبيرة . لكن منظموه في أكادير لم يراعوا هذه المسألة ، و لم يولوا الأهمية له و لم يعطوه قيمته . المدينة كلها أكوام تراب و حجارة و معدات و عمال و كأننا في ورش كبير مفتوح في كل الاتجاهات . غياب علامات التشوير .
ليلة المبارة :
بينما كنا نتجول في شوارع مدينة أكادير ليلة المباراة أثار انتباها و جود جمهور المغرب التطواني بكثافة ، يقابله غياب تام لجمهور الجيش الملكي . و عند استفسارنا عن هذه الحالة أكدت لنا مصادر هناك أن الخوف من احتكاك جماهير الجيش الملكي بجماهير حسنية أكادير أرغم السلطات على عدم السماح لجمهور العاصمة التنقل إلى عاصمة سوس إلا في يوم المباراة تحسبا لأي انفلات أو احتكاك بين الجانبين . أما جمهور المغرب التطواني فقد كان يتجول بكل أريحية في مدينة أكادير ، و منهم من كان يتجول رفقة عناصر من الجمهور السوسي الذي كان مرشدا له في هذه الرحلة حسبما عاينت أروى بريس ، و عندما كنا نأخذ ارتسامات الجمهور التطواني حول المباراة ، كان متفائلا جدا و له ثقة تامة في أبناء جريندو .
يوم المباراة :
في صباح المباراة انتقلنا إلى ملعب أدرار للاستعداد لتغطية الحدث ، حيث كانت الجماهير تتقاطر على محيط الملعب سواء الراجلين منهم و الراكبين . و بعد الدخول إلى الملعب أثار انتباهنا تواجد الجمهور التطواني بأعداد كبيرة مقارنة بالجمهور العسكري ، رغم بعد المسافة بين مدينتي تطوان و أكادير مقارنة بالمسافة بين الرباط و المدينة السوسية .
كانت مدرجات الملعب قد بدأت الاحتفالية بأهازيح و أناشيد المحبين و عشاق الفريقين ، اللذان أعطونا انطباعا أوليا على أن المباراة ستكون حماسية و تغري بالمتابعة وحبلى بالمفاجأة .
دخلا الفريقين إلى رقعة الميدان لإجراء الإحماءات وسط تصفيقات وتشجيعات الجماهير .
بعد ذلك عاد اللاعبون إلى مستودع الملابس للتهيء قبل الخروج الرسمي الذي أبان عن عشوائية في التنظيم لم يشهدها نهائي من قبل بداية بخروج اللاعبون عن خط تحية الجماهير و الانتشار في الملعب و الفرقة العسكرية بدأت تعزف النشيد الوطني ، و هذا وحده خرق للبروتوكول يتحملوه المنظمون الذين أوكل لهم تنظيم هذا العرس . بعد الانتهاء من عزف النشيد الوطني لم نشاهد أي مسؤول ينزل لأرضية الملعب لمصافحة اللاعبين و الطاقم التحكيمي و لم نشاهد التصافح بين الفريقين . أية عشوائية هذه ، فحتى في دوريات الأحياء يحدث أن يسلم منتخب الحي على الفريقين المتباريين .
بداية المبارة :
أعطيت إشارة انطلاقة المباراة من طرف الحكم بشرى كربوبي و هي أول امرأة تقود نهائي كأس العرش في تاريخ المغرب ، بل قد لا نبالغ أنها أول امرأة في العالم تقود نهائي رجالي .
و أول مفاجآت المبارة هو طرد اللاعب التطواني الهنوري في الدقيقة الثالثة من المباراة ، حيث لعب المغرب التطواني منقوصا من لاعبه مبارة كاملة . هذا الطرد استبشرت به جماهير الفريق العسكري خيرا و معها الطاقم التقني ، بينما سقط كقطعة ثلج على المدرب جريندو و معه الجمهور الذي صب جام غضبه على الحكم بشرى الكربوبي التي استعانت بتقنية الفار التي كان يقوده الحكم الدولي رضوان جيد ، و ذلك للفصل في هذه النازلة التي لم تتردد فيها في إشهار الوقة الحمراء مباشرة ، و بذلك غادر الهنوري أرضية الملعب تاركا زملائه للمجهول .
أما الجمهور التطواني فقد ثار في وجه الطاقم التحكيمي حيث ظن أن هذا الطرد تعسفيا و ظالما ، محملا المسؤولية للجامعة عن تعيين حكم لا رصيد له و لا خبرة له في إدارة هكذا مباريات كما صرح لأروى بريس الحكم الجامعي السابق السيد محمد المرون .
بينما جمهور الفريق العسكري كان فرحا بهذا الطرد مثنيا على أداء التحكيم .
https://youtu.be/RWrFUX_aGQA
و بعد الطرد ببضعة دقائق تبين أن الكفة مالت للفريق العسكري حيث تقهقر الفريق التطواني إلى الخلف تاركا المساحات للاعبي الجيش الملكي و اعتماده على المرتدات فقط . بالمقابل كان اندفاع ممثل العاصمة إلى مرمى التطوانيين للبحث عن أولى أهدافه لكنه لم يفلح بل الفريق التطواني كان قريبا من التهديف . و لم يعرف الشوط الأول أي جديد يذكر حتى نهايته بصافرة بشرى كربوبي التي غادرت أرضية الميدان تحت وابل من السب و الشتم من طرف جمهور الماط الذي أرغد و أزبد ، ظنا منه أن فريقه ظلم جراء هذا الطرد المبكر . وخلال هذه الأحداث كان لاعبو الفريق التطواني يحاولون تهدئة الجمهور .
و خلال الشوط الثاني تغيرت الموازين كشر الفريق العسكري عن أنيابه و ظهرت نواياه من خلال الهجمات المكثفة على مرمى فريق الحمامة البيضاء ، تلك الحمامة التي قصت أجنحتها مع بداية المقابلة . و هو ما تأتى للفريق العسكري حيث زار شباك التطوانيين في ثلاث مناسبات .
أولها كانت في الدقيقة 55 أولى تدشينات العسكريين بواسطة اللاعب ديني بورغيس .
و بعد الهدف الأول اندفع الفريق التطواني تجاه مرمى الحارس لكرد بغية تعديل الكفة ، إلا أن الحارس الفيلالي تلقى الهدف الثاني في الدقيقة 65 بواسطة اللاعب آدم النفاتي معلنا تقدم الفريق العسكري الذي ارتفعت معنوياته مقابل استسلام لاعبي الفريق التطواني الذي تلقى هدفا ثالثا في الدقيقة 90 بواسطة اللاعب الشيبي ، حيث انتهت المباراة بثلاثة أهداف للاشيء .
تسليم الكأس :
بعد انتهاء المباراة تقدم عميد فريق الجيش الملكي إلى المنصة الشرفية لتسلم الكأس من طرف رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش و تصفيق الحاضرين من أعضاءجامعيين و مسؤولين رياضيين و في مقدمتهم السيد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم .
نهاية المباراة و الخروج من ملعب أدرار :
بعد نهاية المباراة بدأ الجمهور في مغادرة الملعب ، لكن الملاحظ هو أن جمهور المغرب التطواني شرع في المغادرة قبل نهاية المباراة بربع ساعة غاضبا محملا مسؤولية الهزيمة للطاقم التحكيمي الذي أفسد العرس الكروي حسب تصريحات الجمهور التطواني .
تجمهر عدد من جمهور الجيش الملكي خارج الملعب و شرع في استفزاز جمهور حسنية أكادير الذي كان يتابع بدوره المباراة حيث كان يأزر الفريق التطواني . ثم بدأت المواجهة بالتراشق بالحجارة ، حيث أن جنبات ملعب أدرار تعتبر مزرعة غنية بالحجارة ، و تتوفر على احتياطي مهم منها لن ينتهي و لو استمر التراشق لمائة عام . كان على المسؤولين الانتباه لهذا الأمر بعد نهاية تشييد الملعب ، فالجمهور بنزين و الحجارة كبريت و الوسط ملائم ، مساحات هنا و هناك ، و كر و فر ، و هلع وسط المارة أصحاب السيارات الذي أخذوا نصيبهم من كسر و تحطيم . و في حديقة غير بعيدة من الملعب ، بينما كانت النساء جالسات مستمتعات مع أطفالهن بهدوء المكان ، إلا أنه و في لحظة شرعن في جمع فلذات أكبادهن و الهروب من المكان الذي تحول إلى ساحة وغى بين الجمهورين العسكري و السوسي .
https://youtu.be/RMg5nBSWg0A
و هذا الأمر استغربنا له حقيقة نحن طاقم أروى بريس ، جمهور منهزم غادر في صمت ، و جمهور منتصر جمع أكوام الحجارة للتراشق مع جمهور المدينة الذي لا ناقة له و لا جمل في هذا النهائي ، لكن يبدو أن جمهور الفريق العسكري الذي حكمت ضده الجامعة بالغياب عن الميادين لموسم كامل لا يحلو له حضور المباريات بدون أن يحدث الشغب .
نهاية عرس لم يحمل من العرس إلا اسم الكأس :
بعد نهاية المباراة و الخروج من الملعب ، تجنبنا التعرض للحجارة من هؤلاء المشاغبين أو أولئك ، نجحنا في مغادرة منطقة الملعب و منها مغادرة مدينة أكادير لأن الأمر كان يبدو أنه سيطول بين الجماهير .
خلاصة النهائي ، عشوائية في كل شيء منذ البداية حتى النهاية ، تنظيم لا يرقى لأن يكون نهائي كأس العرش .