أروى بريس
شنت السلطات الجزائرية مؤخرا حملة تعسفية قمعية قائمة على أساس تمييزي ضد المهاجرين الأجانب، فقبضت على أكثر من 850 من المهاجرين الأفارقة من مواطني دول جنوب الصحراء الذين قدموا من بلدان مختلفة، وقامت بترحيلهم قسراً إلى النيجر ومالي المجاورتين، على مدار الأسابيع الثلاثة الفائتة. وبين من طردوا ما يزيد عن 300 من القصّر، منهم ما لا يقل عن 25 من الأطفال غير المصحوبين بذويهم غالبا ما تتركهم السلطات الجزائرية بعض الأحيان في مواجهة مصيرهم بدون ماء ولا طعام وسط الصحراء في درجة حرارة تتجاوز 40 درجة”.
وفى هذا الصدد اصدرت أربع منظمات دولية تعنى بقضايا الهجرة بيانا استنكاريا تندد فيه بالحملات التمشيطية ضد المهاجرين غير النظاميين وترحيلهم في ظروف وصفتها بـ”اللا إنسانية” نحو جنوب الصحراء.
و نددت “جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة وجدة- المغرب” و”شبكة هاتف الإنذار الصحراء” وجمعية “قوارب الحياة العرائش- المغرب” و”مجموعة البحث والعمل حول الهجرات- مالي”، في بيان مشترك، بتجديد السلطات الجزائرية، أخيرا، حملاتها التمشيطية ضد المهاجرين غير النظاميين وترحيلهم في ظروف وصفتها بـ”اللا إنسانية” نحو جنوب الصحراء .
واستنكرت المنظمات الأربع “استمرار هذه الخروقات من طرف السلطات الجزائرية وغياب التكفل السريع بالمهاجرين في وضعية صعبة والتي يتطلب وضعهم رعاية خاصة”، مطالبة بـ”الوقف الفوري لهذه العمليات المنافية للقانون الدولي وكذا الأعراف والأخلاق والقوانين الإنسانية المرتبطة بالهجرة واللجوء”.
وأشارت إلى أن هذا البيان يأتي للتذكير بأن “المأساة الجديدة بالحدود وبالصحاري تضاف إلى عشرات عمليات الترحيل خلال السنتين الماضيتين والتي نبهنا في حينها المنتظم الدولي والجمعيات الحقوقية الإقليمية والدولية وفي ملتقيات عديدة، وأخذا بالحسبان لحجم الحصيلة البشرية والمآسي التي سترتفع للأسف، خاصة أن العديد من المهاجرين يفرون خوفا نحو الحدود البرية الجزائرية المغربية مما يضاعف معاناتهم، وللتذكير أيضا بأن الهجرة حق وحرية التنقل تضمنها وتكفلها القوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني”.
و دعت المنظمات الموقّعة على البيان إلى “السماح للمنظمات الحقوقية والجمعيات الإنسانية محليا بتقديم المساعدة للمهاجرين عبر التراب الجزائري برمته، والتمثيليات الدبلوماسية للبلدان الإفريقية، الحاضرة في الجزائر، بتحمل كامل مسؤولياتها في مجال حماية مواطنيها عوض التواطؤ مع السياسات الجارية”، معبّرة عن “تضامنها المطلق مع هؤلاء المهاجرين وأسر الضحايا”.
كما دعت منظمات وحركات الدفاع عن الحقوق الإنسانية الدولية والدفاع عن حقوق الأشخاص المهاجرين إلى “التعبئة لدعوة الدولة الجزائرية إلى احترام التزاماتها وحقوق الإنسان؛ وعلى رأسها حقوق المهاجرين، تطبيقا للقانون الدولي وكذا الأعراف والأخلاق والقوانين الدولية الإنسانية، وإنهاء تجريم الهجرة والمهاجر والسياسات الإجرامية الممولة من قبل الاتحاد الأوروبي والمتواطئين معه من دول الجنوب وبعض المنظمات الدولية و’منظمات المجتمع المدني’ التي تؤمن التنفيذ من الباطن لهذه السياسات الإجرامية بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي ومؤسساته”.
وبموجب المعايير الدولية، لا يجوز ترحيل أي شخص قسراً إلى أي بلد دون إعطائه فرصة عادلة لكي يطعن في قرار ترحيله. كما أنه لا يمكن إعادة أي شخص إلى بلد يواجه فيه خطراً حقيقياً لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.