يونس لقطارني – اروى بريس
يواصل نظام قصر المرادية الجزائري قيادة الجارة الشرقية إلى الهلاك و الضياع . فالبلاد، وفي ظل ما تعيشه من أزمة سياسية واجتماعية متفاقمة، تعيش أيضا على وقع أزمة اقتصادية خطيرة ، يخشى الشعب الجزائري أن تستمر تداعياتها لسنوات عجاف طوال، لذلك فهو يطالب بـ”استقلال البلاد من النظام العسكري” الطاعن في السن.
و في ظل غياب الاستقرار السياسي، منذ سقوط النظام الديكتاتوري لبوتفليقة في 2 أبريل 2019، تغرق الجزائر في حالة من عدم اليقين. وهو وضع يقلق الجزائريات والجزائريين وكذا جميع الفاعلين الاقتصاديين الذين يقفون عاجزين أمام تدهور متسارع لجميع مؤشرات البلاد ، لم تتمكن المؤسسات الحكومية والأطراف السياسية من احتوائها خلال السنيين الأخيرة، حيث انعكس ذلك سلبا ليتمّ إدراج الجزائر ضمن عدد من القائمات السوداء والتصنيفات الدولية المتعلّقة بتبييض الأموال وعدم شفافية القطاع البنكي والتشريعات الضريبية التي حوّلت الجزائر إلى ملاذ للمتهرّبين وغاسلي الأموال و الفاسدين .
جملة هذه التصنيفات أشارت الى انّ المنظومة المالية الجزائرية أصبحت ثقبا أسودَ تتسرّب من خلاله الرأسمالية المهرّبة والأموال مجهولة المصدر والمتأتية من عمليات تجارية وهمية.
بالاستناد الى ما سبق ذكره، يتبيّن أنّ الجزائر أضحت تسير بخطى حثيثة لتتحوّل الى “مغسلة” للأموال المهرّبة دون أن تستفيد من تلك الأموال بشكل فعلي على اعتبار أنّها لا تعدو أن تكون سوى بلد عبور لتلك الأموال التي ما انفكّت تشقّ طريقها نحو دول أخرى على غرار الإمارات العربية المتحدة وتركيا وانجلترا والصين وفق معطيات مستقاة من البنك الدولي .
فحوالي 60 % من التدفّقات المالية الأجنبية التي تدخل نقدا إلى الجزائر يتمّ توزيعها في المسالك غير الرسمية. و3% فقط من إجمالي التدفقات يتمّ استبدالها في المصارف والبنوك الجزائرية وهذه العملية الخطيرة كشفت حجم ظاهرة نزيف العملة الصعبة وانزلاقها نحو الاقتصاد الموازي وفتحت الباب أمام سيناريوهات عديدة لمألات هذه الأموال.
هذا الضّعف في استقطاب القنوات الرسمية للتدفّقات النقدية للعملة الاجنبية ليس سوى الشجرة التي تخفي غابةَ الصّرف الموازي، حيث تشهد الساحة المالية الجزائرية تفاقم نشاط الصرف الموازي وعمليات التهريب وغيرها من الجنح الديوانية والصرفية ذات العلاقة بالتهرّب الديواني والصرفي على اعتبار أنّ نسبة 42 % من تدفقات العملة الاجنبية المصرّح بها لدى الديوانة لا يتمّ دمجها بالساحة المالية الرسمية وقد تكون موجّهة نحو تمويل الاقتصاد الموازي وجملة الأنشطة غير الشرعية المتّصلة به كالجريمة المنظّمة والإرهاب والتهريب.
تقف وراء هذه الأزمة عديد العوامل لعل اهمها الصراع بين مكونات المشهد السياسي والخلاف الحاد بين مؤسسات الحكم الذي كان سمة الفترة الماضية، فإن كثيرين يحملون المسؤولية في الوقت ذاته بدرجة كبيرة لانتشار الفساد والعجز عن محاربته، وإفلات المتورطين فيه من العقاب، تواطؤ النخب السياسية مع الفاسدين و الاندماج في شبكة الفساد وتقاسم عائداته فساهم ذلك في تنامي سخط الشارع الجزائري وغضبه، ومطالبته بضرورة فتح ملفات الفساد في أقرب وقت.
بالرغم من اعلان السلطات الرسمية بخوض حرب ضد الفاسدين و ملاحقتهم وعدم إتاحة الفرصة لعصابات المافيا بالحكم ، الا وانه اضحى ينتشر بشكل كبير في جميع مفاصل الدولة بشكل يصعب جدا تطويقه ، وفق ما يراه خبراء ومحللون وهذا ما يثير تساؤلات بخصوص حقيقة هذه العصابات المافيوزية وبارونات الفساد التي باتت تتغول يوما بعد يوم حتى اضحت عائداتها المالية و ما تجنيه من ثروات خرافية قادرة على ابتلاع الدولة الجزائرية وهو امر مثير جدا للقلق ؟.