Site icon أروى بريس – Aroapress – جريدة إلكترونية مستقلة تصدر من إسبانيا

مغرب اليوم فى حاجة الى تعديل حكومي لاسقاط الوزراء الكسالى و تدارك الضعف الحكومي

يونس لقطارني – أروى بريس 

بدأ الحديث عن تعديل حكومي في المغرب يتسع، إلا أن الكلام لا يزال ضمن نطاق الإعلام، في حين يخفت في الأوساط السياسية.

مغرب اليوم ليس بحاجة إلى تعديل حكومي من طرف حكومة غارقة في الفشل والعشوائية والارتجالية ، لا تحترم شعبها والتزاماتها معه، وفقدت مصداقيتها وثقة الشعب فيها، مغرب اليوم لن يكفيه تعيين وزراء جدد دون صلاحيات، والإبقاء على تلك الوجوه المستفزة من الوزراء الذين تسببوا في قضايا الفساد ويتم تجديد الثقة فيهم أو تحويلهم من قطاع إلى آخر وكأنهم عباقرة لم ينجب المغرب غيرهم.

لسنا بحاجة إلى تعديل حكومي يخل بالتوازنات ويزيد في تعميق الانسداد السياسي الحاصل،نحن على مشارف دخول سياسي يأتي في ظرفية تتميز باحتدام الانتقادات الموجهة لحكومة أخنوش التي ضخمت آمال المغاربة بوعودها الوردية لحظة ترشيح أحزابها في انتخابات 8 شتنبر وحين تنصيب فريقها وتقديم برنامجها في أكتوبر 2021، وتواجه أزمة اقتصادية حادة بسبب الجفاف وثقل آثار الحرب الروسية الأوكرانية التي وإن لم يعد الكثيرون مهتمين بما يحدث على جبهتها، فإن الكل يشعر بارتفاع تكلفتها على الاقتصادات العالمية وبالأحرى الاقتصادات التابعة أو النامية، حيث وصل التضخم إلى مستويات قياسية، وبرغم أن سلسلة التوريد وتموين السوق الداخلي بالمغرب ظلت مؤمنة، فإن غلاء المعيشة مع ارتفاع الأسعار ظل صامدا وزادت خسائر وباء كورونا، من استحالة تحقيق نسبة نمو متقدمة كما كان موعودا.

تبعثرت توقعات حكومة عزيز أخنوش لنسبة النمو ضمن موازنة العام الجاري بفعل شح التساقطات وندرة المياه الجوفية في أغلب المناطق الزراعية؛ ما أدى إلى انخفاض هام في محصول الحبوب بالبلاد.

وانعكس هذا الجفاف الاستثنائي على أداء القطاع الزراعي، الهام في المملكة، ما خفض توقعات النمو إلى 1,5%.

ويعد القطاع الزراعي أحد أعمدة الناتج المحلي الإجمالي بالمملكة، ويتأثر النمو العام سلبياً أو إيجابياً وفق معدل الأمطار المسجلة كل عام، وكمية المحصول الزراعي.

الخوف كل الخوف هو ارتدادات الأزمة الاقتصادية وانعكاسها على الاستقرار الاجتماعي، في ظل موجة جفاف وندرة المياه فى معظم المدن المغربية و  توقع أن تعرف التساقطات المطرية تأخرا حتى شهر نونبر القادم كما تشير الارصاد الجوية .

تضرر الطبقات الوسطى واتساع دائرة الفئات المهددة بالهشاشة والفقر مع ارتفاع معدلات البطالة في ظل ازدياد الضغط على المالية العمومية، وموجة ارتفاع الأسعار العالمية وثقل ميزانية الاستيراد التي أثقلت الميزان التجاري للمملكة، كلها عوامل صاحبت الحكومة فى مسارها  السياسي، لكن لا يمكن تعليق الأزمة السياسية اليوم على الأسباب الخارجية لوحدها، إذ يوجد في قلب جينات تشكيل الحكومة التقنوقراطية المصبوغة بألوان سياسية عوائق تطرح مشاكل كبرى قد تصل إلى حد الفراغ السياسي مع غياب إستراتيجية للتواصل لدى الحكومة وأخطاء العديد من وزرائها التي تفجرت في وسائل الإعلام  .

في تقصي «جريدة أروى بريس » عن حقيقة وجود تعديل حكومي خاصة بعد ما أثارته المجلة الفرنسية «جون أفريك» في منتصف غشت الماضي، أكدت مصادر متطابقة ووازنة، أن فكرة التعديل الحكومي قائمة لكن لا حديث حتى اليوم بين رئيس الحكومة عزيز أخنوش وزعماء الأغلبية الحكومية بشكل قطعي، هناك وعي – تضيف مصادرنا – بضرورة التعديل الحكومي لكن شكله وكيفية إجرائه وتوقيته لم تطرح لا مع نزار بركة ولا عبد اللطيف وهبي، وبالتالي فتداول خبر التعديل بمسافة زمنية بعيدة عن حدوثه هو بالون اختبار يُقصد منه مراقبة ردود فعل الأحزاب والشارع عليه قبل الشروع في إجرائه، إذ اعتاد المغرب منذ عقود إجراء تعديل على الحكومة مرة واحدة على الأقل بعد تنصيبها الأول كما حدث في تجارب اليوسفي وعباس الفاسي وابن كيران والعثماني.

الحديث عن التعديل الحكومي اليوم موجود من حيث المبدأ فقط، ولكن شكله وكيفيته غير معلومة حتى لدى مكوناتها الثلاثة، لذلك يطرح السؤال، بعد أن انتقل صناع القرار من الحكومة السياسية إلى الحكومة التقنوقراطية وإن بوجوه حُسبت على الأحزاب السياسية.

 إن العديد من أوجه النقص في حكومة أخنوش تعود إلى غياب النفس السياسي في تكوين وزرائها الذين أطلق عليهم وصف حكومة الكفاءات. «في الوقت الذي يفتقد أغلبهم أي رؤية سياسية للقطاعات التي يدبرونها، ومعظمهم يبدو غريبا في وزارته قبل أن يكون غريبا لدى الشارع وفي وسائل الإعلام، ويدبرون قطاعاتهم الحكومية برؤى ضيقة وبلا أفق» .

لقد تم الانتقال من السياسي إلى التقني في تشكيل الحكومة بشكل متطرف برغم وجود زعماء أكبر الأحزاب في حكومة أخنوش، فيما يشبه اليأس العام من الأحزاب السياسية، وإذا لم يصحح التعديل الحكومي القادم هذا الوضع للمزاوجة بين التقني والسياسي، فإن حكومة أخنوش الثانية ستكون بلا طعم ولا مذاق ولا رائحة، أما اللائحة التي تدور اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي للفريق الحكومي الجديد فهي محض مسبار لجس النبض وخلط الأوراق وجذب انتباه جزء واسع من النخبة.

إن ضغط الخارج سيتضاعف بسبب مركزية القضية الوطنية، لذا فهناك حاجة ماسة للتعديل الحكومي النوعي، ولكن هناك حاجة أكثر إلحاحا إلى تمتين الجبهة الداخلية على اعتبار أن ضغط الأزمة العالمية سيزداد على المغرب، وتحرك الجزائر بعد رخاء الغاز الذي يزداد الطلب الأوروبي عليه سيستهدف المغرب بشكل كبير، وقد بدت معالم ذلك في أكثر من اتجاه، والخوف من ارتدادات النزاع الصامت مع فرنسا على المصالح المغربية وهذا يحتاج إلى صمود نوعي في الداخل.