Site icon أروى بريس – Aroapress – جريدة إلكترونية مستقلة تصدر من إسبانيا

المنتخب المغربي و سارقو الأحلام ..

بقلم : البراق شادي عبد السلام

في خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك و الشعب شدد على على دور مغاربة العالم المحوري في بناء المغرب القوي المتضامن الجريئ المزدهر ، مغاربة العالم يمكننا إعتبارهم كأحد أهم عناصر القوة الناعمة المغربية التي يمكن أن تقف في الخطوط الامامية للدفاع و الحفاظ على مصالح المغرب بمختلف دول المعمور ، والقيام بأدوار طلائعية لتعزيز و تكريس موقع الأمة المغربية الشريفة كقوة مؤثرة و فاعلة في محيطها الإقليمي و العالمي ،التعبئة الشاملة و توحيد الجبهة الداخلية للمملكة المغربية و الإصطفاف وراء الدولة و مؤسساتها هو الحل الوحيد الممكن لمواجهة المخططات و المؤامرات التي تستهدف أمن و إستقرار الوطن و وحدته الترابية حيث أكد جلالته بأن ” حجر الزاوية في الدفاع عن مغربية الصحراء. هو وحدة الجبهة الداخلية والتعبئة الشاملة لكل المغاربة، أينما كانوا، للتصدي لمناورات الأعداء.”…/// الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى 69 لثورة الملك و الشعب ؛ لذا فالمقاربة الفلسفية الجديدة للمغرب الجديد تنطلق أساسا من الإستفادة من خبرات وكفاءات الشعب المغربي وترصيص جهود المغاربة في داخل المغرب و في العالم بهدف توحيد الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات الخارجية .
المنتخب المغربي جسد بحق هذه المقاربة المتميزة حيث إستطاع المغاربة تحقيق ملحمة كروية تاريخية أثارت إعجاب العالم و ذلك بالإنتصار على قوى رياضية كبرى و تاريخية بمشاركة فاعلة لمغاربة العالم ودعم ملكي مباشر و إحتضان شعبي مغربي منقطع النظير .
نجاح المنتخب المغربي في تحقيق نتائج تاريخية المكون من مغاربة العالم و لاعبين من البطولة المحلية هو دليل ملموس على صدق الرؤية الملكية المغربية بفهمها الدقيق لمتطلبات المرحلة و بضرورة توحيد الجبهة الداخلية و إستيعاب الكفاءات المغربية بالخارج عن طريق التعبئة الشاملة للدفاع عن مصالح الشعب المغربي و الأمن القومي المغربي , ما حققه المنتخب المغربي من إنجاز كروي في منافسات كأس العالم بقطر 2022 كان مفاجئا للجميع بدون إستثناء و التعاطف الإنساني الكبير من مختلف شعوب العالم أقلق الجهات التي راهنت منذ سنوات على الإساءة لصورة المملكة و مؤسساتها بنشر الأخبار الكاذبة وتضليل الحقائق المرتبطة بها سواء في المجال السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي .

ما لا يريد إستيعابه البعض أن المملكة المغربية الشريفة مستهدفة بشكل كبير بشكل دائم و مستمر منذ قرون خلت و أن أي نجاح في أي ميدان يتم تحقيقه في هذه الأرض الشريفة يزعج الكثير من الدوائر الإستعمارية عبر التاريخ لذا في كل مرة يتم التشويش على نجاحات الأمة المغربية بتحريك أدواتها القذرة سواء من عناصر الطابور الخامس أو بعض مراكز القوى في الخارج و اليوم تحاول هذه الجهات توريط المغرب في قضايا فساد أو إستغلال نفوذ و ربط نجاحات المغرب الديبلوماسية بفضائح فساد مالي ، الحرب القذرة التي تخوضها بعض مراكز القوى الأوروبية ضد مصالح المغرب بإستخدام أذرعها الحقوقية و السياسية و الصحافة المأجورة و بعض الوكلاء في الداخل تتخذ اليوم أبعادا دولية أكثر إتساعا و أكثر شمولا في محاولات مستمرة لتوريط المغرب بقضايا فساد عالمية أو التأثير على قرارات تخدم المصالح العليا للشعب المغربي ، فشل مؤامرة بيغاسوس وفشل المخطط القذر لتشويه سمعة المغرب الحقوقية و المساس بمكانته المتميزة في الوجدان الإنساني بإستغلال أحداث السياج الإستعماري بمليلية المحتلة و فشل إستصدار أحكام من القضاء الاوروبي تضر بمصالح المغرب و بوحدته الترابية و إستهداف شخصيات أمنية وسياسية مغربية رفيعة و السعي لمتابعتها في قضايا وهمية داخل التراب الأوروبي هي إستراتيجية قديمة / جديدة الهدف الأساسي منها هو لي ذراع المغرب لتحقيق مكاسب إقتصادية أو تطويع طموحاته المشروعة في التموقع بشكل يلائم تاريخ هذه الأمة المجيد ،اليوم إنتقلت إستراتيجية هذه الدوائر من تحقيق مكاسب إقتصادية و سياسية و إبتزاز الدولة المغربية لتحقيق مآرب جيوسياسية إلى إتخاذ مواقف معينة و العمل على تحجيم دور المغرب الإستراتيجي لصالح قوى إقليمية مارقة تخدم أجندات دولية متشابكة الأبعاد ، المنتخب المغربي كواجهة جديدة للقوة الناعمة المغربية تجسد جزءا من عبقرية الإنسان المغربي تحول في لحظة معينة إلى أحد الخطوط الأمامية التي حاولت العديد من الجهات و الدوائر النيل منها و التأثير على آداءها بترويج المغالطات و التضليل ونشر الأخبار الزائفة و التقارير المغلوطة والمقالات الصحفية الغير عقلانية .
مباشرة بعد نهاية المونديال و معاينة نتائجه الإيجابية التي حققها المغرب بصفة عامة عادت الجهات المعادية للوطن إلى تأجيج الرأي العام الدولي و الوطني وخلق الأساطير و الأكاذيب لإستعداء الوطن بتواطئ مكشوف مع مسترزقي العمل الحقوقي و تجار الأزمات و الطابور الخامس الموالي للميليشيا الإنفصالية في تناغم تام و تبادل ذكي / غبي للأدوار ، نفس الوجوه التي تتاجر في معاناة الشعب المغربي و آلامه و أحزانه هي من كانت تشوش على فرحة الشعب المغربي و محاولة سرقة أحلامه بتصرفات تدل على النوايا الخبيثة و رفضهم لكل إنتصار ( ديبلوماسي أو إقتصادي أو رياضي ) يحققه المغرب لأنه لا يخدم مصالحهم الذاتية الضيقة .
إستهداف المنتخب المغربي و التشكيك في نوايا لاعبيه يندرج في إطار الحرب النفسية التي يتعرض لها المغاربة طوال عقود من طرف جهات معينة بغرض نشر الخطاب الإنهزامي و العدمي و التيئيسي و الإتجار في الازمات ، المنتخب المغربي يعكس طبيعة النسيج المجتمعي المغربي المتنوع و المتفرد بخصوصيات و تفاصيل مغربية خالصة ، حيث أننا كمغاربة تجمعنا ” تمغربيت ” القادرة على إذابة إختلافاتنا كيفما كانت في نسق مجتمعي واحد و وحيد هو المملكة المغربية الشريفة .

ما وراء الإساءة و التشكيك بسلوك لاعب في صفوف المنتخب المغربي و أنا هنا لا أتكلم فقط على مقال نشر في موقع وطني لأنه نتيجة لما نشر في مقالات نشرتها الصحافة الالمانية و العديد من الصفحات في وسائل التواصل الإجتماعي حيث علقت على حركات إحتفالية لعناصر المنتخب و طريقة لباس عائلات اللاعبين هو محاولة فاشلة لدق إسفين في العلاقات العميقة بين مغاربة العالم و ووطنهم الأم وتلويث الصورة الإنسانية الرائعة التي قدمتها العناصر الوطنية في المونديال بالأخلاق الحميدة و الإنضباط الرياضي و اللعب النظيف و الإحترام المتبادل داخل و خارج رقعة الميدان .
مغاربة العالم يقدمون صورة رائعة على صورة المهاجر المندمج المتمسك بقيمه الوسطية المعتدلة ، و الفاعل بشكل إيجابي بدولة الإستقبال و المتمسك بثقافته و المعتز بإنتماءه للمغرب و المرتبط بشكل عضوي مع بلاده ، هذا النموذج الجميل في زمن الجائحة و تداعياتها أصبح غير مرغوب فيه من طرف اليمين الصاعد بقوة في المشهد السياسي في الدول الأوروبية بمقارباته المتشددة حول مواضيع الهجرة و المهاجرين و على هذا الأساس المغرب يطور إستراتيجية وطنية إستباقية بمقاربة جديدة لإستيعاب مغاربة العالم و الإستفادة من قدراتهم و كفاءاتهم و الحفاظ على إرتباطهم العضوي مع بلدهم الأم في إطار من التعايش و الإنسجام الذي تؤطره قيم تمغربيت الحقة .

الإستقبال الملكي للمنتخب المغربي و أمهات اللاعبين بمختلف تعبيراتهن الثقافية و المجتمعية و الجو العائلي المغربي الخالص الذي نقلته كاميرات التلفزيون لإحتفاء ملك البلاد بالأم المغربية و المرأة المغربية بغض النظر على طريقة لباسها أو درجة إعتقادها هو رد مغربي صريح إلى كل يريد الإساءة إلى الحلم المغربي و إلى مشاعر الثقة و معاني الإنتصار التي أعاد إكتشافها المغاربة و رسالة واضحة المعاني إلى كل من يريد زرع بذور التفرقة بين المغاربة و تصنيفهم على أساس درجات إعتقادهم و تدينهم أو إنتماءهم ، النموذج الوسطي المعتدل للدين الإسلامي الذي تحرسه و تحميه مؤسسة إمارة المؤمنين بإعتبارها الجهة الشرعية و التاريخية و الدستورية الوصية على الأمن الروحي للمغاربة تضمن في سلام و إحترام و أمان في ظل مفاهيم مغربية تؤكد على قيم التعايش و التسامح و جميع القيم التي يتميز بها المجتمع المغربي متذ آلاف السنين .