بقلم صموئيل نبيل أديب
مستشار إعلامي
فى ليلة عيد الميلاد كان الشتاء القارص يسيطر على المكان بينما يتحرك كاهن إلى كنيسته .. علي الباب الخارجي وقف شابان سمعهما يتحدثان بفخر أن ملابسهما مثلما يلبس ذاك الممثل الشهير، و أنهما يقلدانه فى كل شئ ..كانا يتحدثان فى تعالٍ عن ثمن الملابس بطريقة احزنت الكاهن .. .لذا وقف يحكي معهما قائلا :
قيل ان هنري فورد مؤسس الشركة العملاقة لسيارات فورد، و واحد من أغنى رجال صناعة السيارات في العالم… ارد يوماً تعيين مهندسين جدد، فأقام لقاء على العشاء مع اثنين من المهندسين.. كان الإثنان قد تخرجا من نفس الجامعه بنفس التقدير، ولديهما نفس العبقرية التي أثبتتها الاختبارات المتتاليه في شركته…
و في نهاية العشاء قال فورد: لأحدهما لقد تم تعيينك.. وللآخر نعتذر منك..
.. ولكن الآخر قال له: سيدي إسمح لي أن أسألك سؤالا؟ انت لم تتحدث طوال العشاء عن الهندسه و لم تتحدث عن السيارات ولم تتحدث عن حتى الكلية التي كنا فيها، بل تحدثت في أمور عامة.. فلماذا اخترته هو ؟
أجابه فورد قائلا: اخترته لسببين؛ الأول عندما جاء العشاء.. تذوق صديقك من اللحم أولا ثم أضاف الملح.. بينما أنت أضفت الملح أولاً قبل أن تتذوق اللحم اعتماداً على أن صديقك أضاف الملح ..وأنا أرغب بشخص يتذوق الشيء أولاً قبل أن يغيّر فيه، اعتماداً على رأيه هو وليس على آراء الآخرين .. والسبب الثاني والأهم أن صديقك كان مهذباً في التعامل مع الموظفين.. كان دائما يقول لهم ( من فضلك، شكراً،…) بينما تعاملت أنت معهم كأنهم غير موجودين .. كنت مهذباً عندما تتعامل معي فقط و ليس معهم …وأنا لا أحب التعالي ..
..
صمت الكاهن قليلاً و قال : إنها ليست قصة من التاريخ، و لكنها تشبه إلى حد كبير حياتكما الآن ..
أصبح العالم اليوم يقلد المشاهير و الفنانين فى عصر التيك توك ..دون أن يتذوق عالمه الحالي لكي يستطيع أن يغير فيه..أصبحنا نقلّد الآخرين دون أن نفهم أولاً من نحن ..ونتعال على الآخرين لمجرد الظن أننا أفضل منهم…
اتظنان انكما افضل البشر؟!
ابتسم الكاهن لهما و هو يمضي قائلا :
أن الله عندما أراد أن يصلح العالم..أرسل لهم أنبياءه الذين أتوا غير متعالين ..ذاقوا المرارة و الفقر و الجوع و حتى خيانة الأصدقاء .. ولكنهم تذوقوا محبة الله أولا فنقلوا لنا محبته .. نحن فى ليلة عيد الميلاد حيث وُلد المسيح فى مِذوَد بقر حقير.. و ذاق مرارة العيش و الغُربه و الفقر قبل أن يطالب الناس بالتغيير ..لذا أحبه الجميع لأنه كان منهم …
و على عتبة باب الكنيسه الخشبي وقف ونظر لهما قائلا :
أتبحثان عن المسيح في عيد ميلاده؟! إبحثوا عن المتواضعين ..فهناك ستجدون المسيح.