Site icon أروى بريس – Aroapress – جريدة إلكترونية مستقلة تصدر من إسبانيا

السيناريو الأمريكي لتفتيت الشرق الأوسط و نشر ” الفوضى الخلاقة “

أروى بريس

يعيدنا ما يجري اليوم في السودان والأحداث التي توالت منذ الغزو الأمريكي للعراق وما تبعه من انتشار ظاهرة الربيع العربي الذي تبين أنه لم يكن كذلك إلى مفهوم الفوضى الخلاقة الذي أعلنت عنه كونداليزا رايس ويبدو أننا لانزال نتجرع مراراته منذ ١٨ عاما.

في مطلع عام 2005 أدلت وزيرة الخارجية الأميركية “كونداليزا رايس ” بحديث صحفي مع جريدة واشنطن بوست الأميركية, أذاعت حينها وزيرة الخارجية عن نية الولايات المتحدة نشر الديمقراطية بالعالم العربي والبدأ بتشكيل ما يُعرف ب “الشرق الأوسط الجديد ” كل ذلك عبر نشر ” الفوضى الخلاقة ” في الشرق الأوسط عبر الإدارة الأميركية .

ونصت خطة الشرق الأوسط الكبير التي انكب المحافظون الجدد في فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق بوش على تنفيذها بعزيمة قوية على إقامة 54 أو 56 كياناً في المنطقة الممتدة من أفغانستان حتى سواحل المحيط الأطلسي، وذلك محل الأقطار الموجودة حالياً وغالبيتها عربية، وذلك من أجل خلق أوضاع سياسية واقتصادية تسمح للولايات المتحدة وما يوصف بالديمقراطيات الغربية بإيجاد مناخ ملائم لضمان تزودها على المدى الطويل بمصادر الطاقة النفطية والمتجددة، والتحكم فيها يصفه بعض الجغرافيين بمركز العالم القديم، بكل ما يعنيه ذلك من قدرة على صياغة الوضع العالمي خلال عقود.
التطبيق العملي للخطة أو للمشروع الذي شكل الصيغة الأحدث للعملية الاستعمارية، بدأ مع بداية القرن العشرين واستهدف تفتيت الأقاليم التي انتزعت من الإمبراطورية العثمانية وتشكيل دول مختلفة، وتمهيد الطريق لتحويل المنطقة الفلسطينية إلى مركز استيطان لليهود، وبالتالي تشكيل حاجز جغرافي بين شرق وغرب الأمة العربية. غير أن هذا التفتيت لم يعد كافياً، خاصة أن أقطاراً عربية تمكنت من بناء قواها الذاتية، وأصبحت قادرة على إعادة تشكيل موازنات الأمن الإقليمي التي فرضتها القوى الاستعمارية، كما أن أقطاراً أخرى تمكنت من استعادة أجزاء كبيرة من أراضيها وتوحيدها ومنع مزيد من التشرذم وبناء الكيانات الهزيلة.
في عهد الرئيس الأمريكي السابق بوش طرح مسيرو البيت الأبيض عدة أساليب للوصول إلى تنفيذ المخطط فزيادة على العمل العسكري المباشر أو بالوكالة، شكلت “الفوضى الخلاقة” أحد أعمدة التدخل الخفي لرسم الخارطة الجديدة للمنطقة.
ويرى المحللون أن فكرة “الفوضى الخلاقة تبلورت من التجربة الأمريكية في الصومال فبعد أن عجزت واشنطن عن الاحتفاظ بقواتها في هذا البلد، استطاعت استكمال تدميره كدولة في عقد التسعينيات وحتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عن طريق تغذية الصراعات الداخلية، والاستعانة بأطراف خارجية.
“من كتاب الفوضى الخلاقة .. السيناريو الأمريكي لتفتيت الشرق الأوسط”