Site icon أروى بريس – Aroapress – جريدة إلكترونية مستقلة تصدر من إسبانيا

اين وطني أيها المتخاذلون ؟

بقلم يونس لقطارني

أيٌها الوطن الجريح ، أينما كنت، فاعلم أنّي أحبك، لكن لماذا لا تحبنا أنت، لماذا لم تظهر حينما ارتشى المسؤول فيك في الإدارات العمومية والخصوصية ، لماذا لم تظهر حينما تتوزع المناصب العليا والامتيازات على العائلات و العشيقات بالمكالمات الهاتفية والسرية و الشيكات والأرصدة البنكية في بنما وسويسرا، لماذا لم تظهر حينما يُحَرِّف الإعلاميون القضايا الوطنية الرئيسية ويلتفتون إلى التفاهات وجمع اللايكات ونشر الشائعات ، لماذا لم تظهر حينما استغل التجار والسماسرة والزبانية المناسبات لنهب جيوب المواطنين المقهورين، لماذا لم تظهر حينما يوّزع الحشيش والمخدرات في الحانات وعلى جانب الطرقات وامام الكليات والمحلات ، أو حتى لماذا لم تظهر حينما يتلعبون بالانتخابات .

أيٌها الوطن الجريح ، اظهر لذلك الصبيّ الصغير وذلك اليتم وتلك الأرملة وذلك الشيخ العجوز ، وتلك الفتاةُ المسكينة التي كَبُرَتْ ولم يكن بجانبها أبوها الذي سُجِنَ باسمك ومن اجلك . اظهر لأمهما التي تُدراي الدمع عنهما، وتَعُدُّ على أصَابِعَها نُقودًا تُدَبِّرها بِتَقَشُّفْ لئلا ينكشف عنها الستر في غياب بَعْلِها الذي مات مدافعا عنك ، أنا لا أسألك منة عليهم يا وطني الجريح ، أسألك حقهم في الحياة معًا، في أن يكبروا معًا، بسعادةٍ لا يغمرُها خوف!

أيها الوطن الجريح أنا لا أدري لماذا نحبُك ونحن نجرعُ سياطك، لكن ربما نحبك لأنك في أرواحنا كما تقولُ أمي، لا أدرى لأي مدى سنظل نحبك ونأكل سياطك معا. هل تدري أنك صرت تشبه تلك القبور في بلدتنا؟ لا ينتشر فيها سوى الهدوء و الرذيلة والحشيش، نعم صرت قبرًا بمسمى وطن، قبرًا كبيرًا، وعُشًّا للفاسدين الفاسقين.

ربما ندعك ونرحل ذات يوم، من يدري؟ فجحيم الظالمين فيك لم يعد أهون من جحيم الآخرين.

لا تحزن يا وطني إن رحلنا، لكن اعلم تمام العلم، أننا لم نختر الرحيل عنك، إلا حينما أُجبرنا على البقاء في الجحيم. لا بأس إن رحلنا، فالطفل يفلت يد أمه أن تمسكه، ويعود لها باكيا من ذاك الحجر الذي جعله يتعثر.

فكن رحيما يا وطني ولا تدع الظالمين يعتون في ارضك فسادا.