في قلب الاطلس المتوسط الهادئ، وبين تلال جماعة بن صميم إقليم إفران، عادت الحياة لتنبض من جديد على وقع البارود وزغاريد الفرح، من خلال فعاليات مهرجان “تافسوت” لفن التبوريدة التقليدية، الذي أشرفت على تنظيمه جمعية أثيال للثقافة والتنمية، مستعيدة به بريق تراثي خفت وهجه لسنوات.
عبر عروض فروسية أصيلة شاركت فيها العديد من السربات القادمة من مختلف المناطق، ارتفعت سحب البارود في السماء، لتسرد حكاية أجيال حفظت التقاليد، وأحيت بفخر فصول الفروسية المغربية. هذه اللحظات لم تكن مجرد استعراضات، بل طقوسًا اجتماعية توارثها الآباء والأبناء، لتكون التبوريدة، مرة أخرى، مرآة الهوية.
ولأن التراث لا يكتمل دون أمن واستقرار، حضرت السلطة المحلية بكل مكوناتها في المشهد، ممثلة في قائد قيادة بن صميم، الذي أشرف ميدانيًا على تأمين الفعالية بخطة محكمة، بتنسيق تام مع عناصر الدرك الملكي وأفراد القوات المساعدة. مجهودات تنظيمية وأمنية مكثفة ضمنت مرور المهرجان في أجواء منظمة وآمنة، عكست حسًا عاليًا من المسؤولية واليقظة.
المهرجان لم يقتصر على التبوريدة فقط، بل احتضن أيضًا أمسيات فنية أحيتها فرق موسيقية محلية، ما أضفى على الفضاءات المحيطة دفئًا فنّيًا تمازج فيه الإيقاع مع بهجة الزوار، ليُشكّل بذلك عرسًا تراثيًا وثقافيًا يعكس غنى المنطقة وعمقها المجتمعي.
فعاليات “تافسوت” كانت مناسبة أيضًا لإحياء روح التنمية الثقافية المحلية، وربط الحاضر بجذور الماضي، في مشهد جمع بين عبق التاريخ وسواعد الحاضر، وسط دعم مجتمعي ورسمي مشهود.