قام رئيس الوزراء الإسباني بتعديل حكومي لسبع وزارات، حيث أُقيلت وزيرة الخارجية أرانشا غونزاليس لايا المثيرة للجدل، وعين خوسيه مانويل ألباريس سفير إسبانيا في باريس مكانها.
وكانت أرانشا أثارت جدلاً واسعاً خلال “أزمة غالي” إثر استقبال بلادها زعيم “جبهة البوليساريو” قصد العلاج من الإصابة بفيروس كورونا بهوية مزورة.
يتنازع المغرب مع “جبهة البوليساريو” السيادة على الصحراء منذ عام 1975، ويعتبرها منظمة إرهابية، ويتهم زعيمها إبراهيم غالي بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، وكانت المحكمة العليا بمدريد قد رفضت طلب توقيف غالي بدعوى عدم كفاية الأدلة الخاصة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، إثر نفي زعيم البوليساريو التهم الموجهة له خلال جلسة عن بعد.
سوء تدبير
كانت وزيرة الخارجية الإسبانية المقالة قد أثارت جدلاً كبيراً في إسبانيا و المغرب، بسبب “سوء تدبيرها لأزمة غالي”، حيث عارض وزراء من حكومتها استقبال بلادهم زعيم “جبهة البوليساريو”، وأثار توجهها حفيظة الحكومة المغربية التي استدعت سفيرتها بمدريد، وطالبت الوزيرة بتقديم توضيحات بخصوص استضافة غالي. وكان القائد العام للنقل الجوي في القاعدة العسكرية بسرقسطة، الجنرال خوسي لويس أورتيز أشار في تقرير موجه إلى رئيس محكمة المدينة القاضي رافاييل لاسالا المكلف بالتحقيق في قضية الدخول غير النظامي لغالي أن وزارة الخارجية الإسبانية أصدرت تعليمات واضحة مفادها عدم ضرورة خضوع أفراد طاقم الطائرة الرئاسية الجزائرية (التي نقلت زعيم البوليساريو من الجزائر لإسبانيا) لمراقبة جوازات السفر المعتادة والإجراءات الجمركية الضرورية.
وتتمسك وزيرة الخارجية الإسبانية المقالة بموقفها، حيث أكدت في آخر تصريح لها قبيل إعلان التعديل الوزاري أن قرار استقبال غالي “لم يكن خطأ”، بل كان استقبالاً لعلاج شخص في حالة صحية حرجة، واستمرت في الدفاع عن توجهها حتى بعد إقالتها، حيث صرحت خلال حفل تسليم السلطة “اليوم أترك المنصب، أترك ورائي أياماً طويلة وليالي عديدة لم أنم فيها، واجهت كثيراً من المحاسبة أمام الغرفتين (البرلمان)، أترك ورائي أيضاً كثيراً من الضجيج الإعلامي المقيت، أتبنى لوحدي الأخطاء وأترك النجاحات لكل عائلة وزارة الخارجية الكبيرة، لقد حان وقت الخروج من المشهد… لا أندم على شيء، لا أندم على اختياري للخدمة العمومية في إسبانيا”.
تعديل لتجاوز الأزمة
أشارت تقارير صحافية إسبانية منذ فترة إلى اتجاه مدريد لإجراء تعديل وزاري تهدف من خلاله لمحاولة تجاوز الأزمة مع المغرب، وذلك بإقالة الوزيرة التي أسهم توجهها في تأزيم العلاقات مع الرباط. ويؤكد مراقبون ما ذهبت إليه تلك التقارير، حيث يشير أستاذ العلاقات الدولية المغربي عبد الفتاح البلعمشي إلى أن الأزمة المغربية – الإسبانية الحالية اندلعت في أعقاب الإقرار الأميركي بمغربية الصحراء الصادر في 10 ديسمبر (كانون الأول) 2020، والذي تلاه العديد من السلوكيات غير المفهومة والملتبسة في تدبير الخارجية الإسبانية للموضوع، حيث قامت وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة بمعاكسة الطرح المغربي بخصوص قضية الصحراء بشكل علني، وصرحت بأنها ستراجع الإدارة الأميركية بهدف ثنيها عن قرارها، ذلك إضافة إلى أحداث أخرى أبرزها استضافة زعيم “البوليساريو” للعلاج.
واعتبر أنه في الوقت الذي ربطت وسائل إعلام دولية نشوب الأزمة باستقبال إسبانيا لغالي قصد العلاج، إلا أن السبب الرئيس للأزمة هو دخوله التراب الإسباني بطريقة غير شرعية بتواطؤ بين الإدارة الجزائرية والخارجية الإسبانية في عهد الوزيرة السابقة. كما أن إسبانيا لم تخبر المغرب بموضوع استقبالها لغالي مما يخالف أعراف العلاقات الدولية وبالخصوص إن كانت مبنية على شراكة كما كان الحال بين الرباط ومدريد قبل الأزمة.