أروى بريس
لم يعد يخفى على المتتبعين للسياسية الخارجية المغربية أن التركيز على قضية التعاون جنوب – جنوب هي من البدائل الحقيقية التي يفضلها المغرب للخروج من مأزق النظام الدولي والإقليمي؛ فالتوجه صوب إفريقيا يعكس مدى نضج الرؤية الاستراتيجية المغربية، وإيمان العاهل المغربي بالقدرة على الفعل والمبادرة بدل الاعتماد على أنظمة دولية وفرعية أثبتت عدم قدرتها على إدارة الأزمات والمتغيرات الإقليمية مع تنامي العنف وإرهاب الجماعات المتطرفة وعجز الدول عن تدبير خلافاتها السياسية بشكل ديمقراطي .
و فى هدا السياق كشفت صحيفة lainformacion الإسبانية،في تقرير مطول نشر نهاية الأسبوع الجاري أن المغرب أظهر مرارا رغبته في أن يصبح قوة جيوسياسية حقيقية ذات بعد إقليمي في إفريقيا، مبرزة أن المنطقة تشهد توازنًا دقيقًا بين القطبين اللذين ترتكز عليهما القوة في غرب شمال إفريقيا وهما المغرب والجزائر.
وأوضحت الصحيفة، أن المغرب أثبت في هذا السباق كيفية التحرك بشكل مثالي، من خلال نسج تحالفات لم يكن من الممكن تصورها في الماضي، مشيرة إلى اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، فضلا عن توقيع الرباط مع بريطانيا عقود طاقة مهمة وعصرية، بما في ذلك اتفاقيات بقيمة 22000 مليون دولار لبناء مساحة كبيرة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح تبلغ مساحتها 1500 كيلومتر مربع في جنوب المغرب وإنشاء كابل بحري يربط بينهما.
و سلط التقرير الضوء على عين المملكة التي تتجه بحسبها نحو الصين، متوقعة، أن تكسب الشركة الصينية “تشاينا كوميونيكيشنز كونستركشن” الرهان، لبناء أول وحدات عائمة لتحويل الغاز الطبيعي المسال في المغرب ، باعتبارها المرشح الرئيسي الأوفر حظا لكسب رهان المشروع.
وكان المغرب أطلق مناقصاته عبر وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، من أجل بناء وحدات عائمة لتحويل الغاز.
وستعمل الصين على بناء هذه الوحدات العائمة من خلال شركة البناء الصينية العملاقة، لحصول المغرب على الغاز من خلال الإمداد البحري الذي ستوفره السفن مع الغاز الطبيعي المسال.
وأشار المصدر إلى المساعدة التي قدمتها الصين للمغرب لمواجهة أزمة فيروس كورونا؛ بعد حصول شركة Sothema ، على تصريح لإنتاج لقاح Sinopharm الصيني الذي حاولت الرباط من خلاله منع تقدم Covid-19 عبر أراضيها؛ إذ من المحتمل أن ينتج المغرب خمسة ملايين جرعة شهريًا باستثمار يقارب 500 مليون دولار.
وإلى جانب التعاون في الشؤون الصحية، التقارب المغرب الصيني تعدى مجالات أخرى أكثر استراتيجية؛ إذ دخلت شركة Norinco ، إحدى شركات الأسلحة الآسيوية الرئيسية ، المغرب في نوفمبر من هذا العام، وينوي الصينيون وضع أنفسهم استراتيجيًا في سوق السيارات في البلاد.
واعتبر المصدر أن شركة صينية تهدف لتحويل المغرب إلى قوة تصدير في مجال الدراجات النارية التي تعمل بمحرك كهربائي، وتنظر بكين إلى المغرب كدولة يمكن أن تصبح “المحور” الإقليمي لإنتاج السيارات، وهي مساحة تتنافس فيها مباشرة مع إسبانيا.