يونس لقطارني – أروى بريس
نضجنا لدرجة اننا نتجنب التعمق .. وكبرنا لدرجة اننا نتجنب الجدال .. والنقاش .. واستهلاك الطاقة بلا فائدة .. سئمنا التمسك بكل مغادر منافق .. وكثرة التبرير لكل عابر .. تعبنا من ضياع عمرنا في سبيل رضى غيرنا.. نحن كذلك لنا قلب وشعور .. اما علاقة تضيء حياتنا وتسعدنا .. او وحدة نشتري بها راحة بالنا. … نعم كبرنا وأصبحنا أكثر نضجاً وأقل انفعالاً وأكثر احتواءً للآخرين، لم يعد من السهل استفزازنا، ولم تعد الأشياء التي كانت تغضبنا في السابق تغضبنا الآن لأننا كبرنا ونضجنا واختلف ميزان الحكم على الأمور لدينا وأصبحنا أكثر اعتدالاً وعدلاً، كبرنا وأصبحنا أكثر تسامحاً وأقل اصطداماً مع الناس وأكثر تفهماً لظروف الغير.
نعم نضجنا وتغيرنا وارتقت أذواقنا وأصبح ما يروقنا على كبر من الصعب أن يتكرر!، أصبحنا أكثر دقة في اختياراتنا وأقل كُلفة.
أصبحنا نقرأ الناس بشكل أوضح ونكشف الأقنعة بوقت أقصر، لم نعد بحاجة لقراءة كتب علم النفس، مرور الناس علينا أهم دورات عمل إلزامية تضاف لرصيد خبراتنا الشخصية.
نضجنا إلى الحد الذي يجعلنا نبدو كأننا أشخاص آخرون ، تغيرنا لأننا تأذينا كثيرا ولأن المواقف والتجارب جعلتنا ندرك أخيرا أن ليس هناك أهم من أن نعيش في هدوء وسلام.
لقد كنا ندقق في كل التفاصيل ونتعمق في كل الأمور فأصبحنا لا نهتم إلا بما يستحق الاهتمام والتفكير ..
كنا نتحمل معاناة الجدال لإثبات صحة وجهة نظرنا، فصرنا لا نبالي ، فراحة بالنا واعتدال مزاجنا أهم من اقتناعهم …
كنا نشعر بالراحة بعد الفضفضة فاكتشفنا أنها أكبر خطأ في هذا الزمان فتوقفنا عنها واحتفظنا بأسرارنا لأنفسنا.
كنا نثور ونغضب وربما لأمور ليست ذات أهمية فأصبحت الحكمة سيدة الموقف وصار الصمت أفضل رد ..
لقد أدركنا أننا لسنا مجبرين على تبرير أفعالنا لأحد فمن يعرفنا جيدا سيفهم مقصدنا وغير ذلك لا يهمنا رأيه في شيء…
لقد أصبحنا نأنس بأنفسنا ونعشق الجلوس منفردين لنستعيد صحة قلوبنا التي ترهقها الحياة من حين لآخر وصارت مناجاة الله هي الراحة التي لا تضاهيها راحة في هذه الدنيا.
نضجنا و كبرنا… ويا ليتنا منذ زمن كبرنا لأننا أصبحنا أكثر ثراءً بأنفسنا.