أروى بريس
أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط حكمها في حق المواطن الفرنسي من أصل جزائري سفيان حمبلي، البالغ من العمر 46 سنة؛ والذي عرف باختراقه وتواطئه مع المخابرات الفرنسية ،وقضت هيئة الحكم بعشرين سنة سجنا نافذا في حق حمبلي، بعد مؤاخذته بالمنسوب إليه وإدانته من أجل تكوين عصابة إجرامية لغرض ارتكاب جنايات ضد الأشخاص والأموال والاختطاف والاحتجاز والاتجار الدولي في المخدرات وغسيل الأموال والتزوير واستعماله وانتحال صفة وحيازة واستهلاك المخدرات.
سفيان حمبلي أو كما يلقبه البعض ب “Le logisticien” شاب من أصول جزائرية، ولد سنة 1975 بمدينة ميلوز الفرنسية، امتهن تجارة المخدرات والمؤثرات العقلية وهو في سن الثامنة عشرة، أي في ذات السنة التي حصل فيها على شهادة الباكالوريا، بعد ذلك إلتحق بمدرسة Paul Appell بمدينة ستراسبورغ في الشمال الشرقي لفرنسا، ليتابع دراسته العليا في مجال التجارة والتسيير.
شغف حمبلي بحياة الرفاهية، جعلته يهاجر إلى مدينة خيرونا الإسبانية من أجل الإشتغال في مجال التهريب الدولي للمخدرات، حيت سخر مهارته المعرفية والتقنية لربط علاقات قوية مع مروجين ينحدرون من جنسيات مختلفة، فرنسية وإسبانية وبرتغالية ومغربية، بهدف تهريب وترويج المخدرات بمختلف الدول الأوروبية.
سفيان استطاع بنباهته وذكائه اختراق شبكات دولية لتهريب المخدرات بالأراضي الإسبانية، من أجل تزويده بشحنات “متوسطة” من مخدر “الحشيش”، تناهز خمسين كيلوغراما كل أسبوع مقابل 1250 أورو للكيلوغرام الواحد، فيما كانت سويسرا هي وجهته المفضلة لترويج سلعته ليحقق بفضلها أرباحاً تقدر بستة أضعاف الثمن الأصلي.
حمبلي لم يكتف بذلك، بل إن طموحه الجارف في عيش حياة البذخ، جعلته يهاجر إلى ألمانيا، الدولة التي كانت تعتبر آنذاك سوقاً مغرية لتجارة المخدرات، بهدف عقد شراكات مع شبكات “إجرامية” كبرى تنشط في الإتجار غير المشروع لمخدر الحشيش والمؤثرات العقلية، وذلك ما تحقق بالفعل، حيث استطاع سفيان جني أرباح مادية كبيرة تقدر بملايين اليوروهات، ليتحول من تاجر مخدرات بالتجزئة إلى بارون مخدرات.
تم اعتقاله سنة 1996 بمدينة غرناطة جنوب اسبانيا، على خلفية تورطه في قضية تهريب دولي للمخدرات، ليطرق بذلك عالم السجون من أبوابه الواسعة، حيث قضى عقوبات حبسية في كل من إسبانيا وفرنسا والمغرب في قضايا متفرقة.
لكن المثير في الأمر، أن حمبلي لم يكن معتقلاً عادياً، بل كانت تعامله السلطات الأمنية بفرنسا بنوع من الميز، حيث أكدت العديد من المصادر الإعلامية أن سفيان حضي بإفراج مؤقت سنة 2018 عندما كان معتقلاً بالسجون الفرنسية كما استفاد من عفو جمهوري سنة 2014 ، ليكتشف الرأي العام الفرنسي بعد ذلك أن سفيان حمبلي ما هو في الحقيقة إلا مخبر يعمل لصالح أجهزة الإستخبارات الفرنسية.
المكتب المركزي لمكافحة المخدرات بفرنسا بدوره كان يساعد سفيان حمبلي من أجل قضاء عقوبة حبسية مريحة، حيت كانت تصدر قرارات من جهات عليا بفرنسا من أجل منح حمبلي عطل وتراخيص غير قانونية، ولا تدخل ضمن قانون المسطرة الجنائية، وذلك لإخراجه من السجن بطرق سرية، قصد تنفيذ عمليات الاختراق والتسليم المراقب لشحنات هامة من المخدرات، وهذا دليل على تورط القضاء والأجهزة الأمنية والمخابرات الفرنسية في تسهيل عملية تهريب وإغراق القارة العجوز بأطنان من مخدر الحشيش، وذلك في إطار التلاعب بالجهود الدولية لمكافحة المخدرات.
وبعد انكشاف أمر سفيان حمبلي، حاول الهروب خارج الأراضي الفرنسية كما قامت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية ” الأنتربول ” بإدراج إسمه ضمن أبرز المطلوبين للعدالة على خلفية تورطه في قضايا كثيرة متعلقة بالتهريب الدولي للمخدرات وتبييض الأموال.
وعلى اثر ذلك، تمكنت المصالح الأمنية المغربية بمدينة طنجة، من إلقاء القبض على المدعو سفيان حمبلي، بعد أن قامت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بتحديد هويته عندما ولج إلى إحدى المصحات الخاصة بالمدينة من أجل تلقي العلاجات الضرورية من آثار اعتداء في اليد والعنق.
وتم إخضاع حمبلي للبحث القضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، للكشف عن جميع أنشطته الإجرامية المرتبطة بالتهريب الدولي للمخدرات وغسيل الأموال، وخلال عملية الإستنطاق التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، كشف المتهم عن فضيحة من العيار الثقيل، حيث أقر في تصريحاته أنه يعمل لصالح الأجهزة الأمنية الفرنسية، وأنه كان يجني ما بين 4 و5 ملايين أورو في كل عملية اختراق كان ينفذها لفائدة الشرطة الفرنسية،.
وأضاف حمبلي أنه نفذ أزيد من خمسين عملية تسليم مراقب للمخدرات بين المغرب وإسبانيا وفرنسا، فيما حصل على أزيد من أربعة ملايين أورو عن كل عملية، بتنسيق مع فرانسوا تيري، المدير السابق للمكتب المركزي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات ” OCRTIS ” .