أروى بريس
لست أدري ما الذى جناه واقترفه الشعب المغربي وهو الوفي،الصبور المحب لمؤسساته وعلى رأسها الملكية، حتى ابتلاه الله بهذه الحكومة التي عرف معها كل مصائب الدنيا وكوارثها، فمنذ تشكيلها بعد انتخابات 8 شتنبر التي أبدعت الأحزاب المشكلة لها إبان الحملة الانتخابية في تنميق الكلام وتوزيع الأحلام بحماس زائد على مستوى جرعات التفاؤل، والمواطن المغربي يعيش زمن غير الذي اعتدناه منذ الاستقلال، زمن الغلاء والوباء وشح الماء،
هذا المواطن الذي انبهر بحجم الوعود المعسولة والأحلام الوردية التي كانت تتقاطر عليه عبر البرامج الانتخابية وتتهاطل من وراء خطابات الأحزاب المشكلة للاغلبية الحالية، حتى ظن أنه لن يعيش الفقر بعد اليوم أبدا، وما أن وضعت حرب الحملة الانتخابية أوزارها، وانتهت لحظة الانتشاء بالفوز من طرف الأحزاب المصدرة لنتائج الاستحقاقات، ومع تشكيل حكومة الكفاءات اختفت الشعارات العريضة والكبيرة، فاعتقدنا في البداية أنها الدهشة الأولى، ومحاولة ترتيب الأولويات، فالتمسنا العذر لحكومتنا الموقرة، لكن التردد والارتجالية ظل لصيقا بقراراتها، وانعكس ذلك على برنامجها الحكومي الذي يفتقد إلى رؤية سياسية واضحة ومنسجمة، فكان مجرد تعبير عن الآمال والمتمنيات بدون أرقام مضبوطة ولا أجندة زمنية محددة، فالتمسنا العذر لها مرة أخرى لعل مشروع قانون المالية يأتي بإجابات حقيقة للاكراهات الراهنة ويكون بذلك تداركا لما لم يأت في سطور البرنامج المعلوم، فإذا بها ترسب مرة أخرى في هذا الإمتحان، فاستعانت في ذلك سرا بما جادت به الحكومة السابقة وأخطأت في إعلان القطيعة مع الحكومات السابقة جهرا، فاصبح التحبط هو عنوان حصيلة هذه الحكومة،فلا هي قادرة على الإبتكار والتواصل والإنصات إلى نبض الشارع والتفاعل مع بدائل المعارضة، ولا هي اعترفت بفشلها الفظيع في تدبير الشأن العام الذي هيمنت عليه محليا، جهويا ومركزيا، بل فضلت مواصلة التعنت تجاه أنين الشعب الأعزل الذي يخوض وحيدا معركة البحث عن الخبز للبقاء على قيد الحياة.
الشعب المغربي، شعب يسكنه الوطن، لذلك لم يتأخر يوما في الانخراط اللامشروط في كل الإصلاحات والأوراش التي تقودها الحكومات حتى لو كانت على حساب جيوبه، ولم يتوانى هذا الشعب الكريم مرة في التعبير عن الحس التضامني والتآزري إلى جانب الدولة في مواجهة الأزمات التي مر منها المغرب، ولعل آخرها أزمة كوفيد 19 التي أعطى فيها المواطن المغربي درسا بليغا لمن يهمه الأمر في الداخل والخارج من خلال الروح الوطنية والقيم المغربية الأصيلة المبنية على الكرم والصبر والتضامن التي أبان عنها طيلة فترة الوباء، فاستطاع تحت الإشراف المباشر لصاحب الجلالة أن يجنب البلاد تلك المآسي التي عاشتها دول أكثر منا تطورا على مستوى المنظومة الصحية…،هذه الرسالة للأسف لم تلتقطها الحكومة بما يكفي من المسؤولية لتنظر إلى هذا المواطن الوفي بعين الجزاء على قوته في تحمل المسؤولية عند كل المحطات الدقيقة، لكن وبنفس النخوة والكرامة المغربية، هذا المواطن نفسه قد يقبل أي شيء، إلا المس بقوته اليومي ومائدة أبنائه التي أصبحت مهددة بفعل الارتفاع الصاروخي لأسعار كل المواد الأساسية بدون إستثناء، فالحكومة هنا بعقم تواصلها وبتبريراتها المضحكة لهذا الوضع المقلق تدفع المواطن نحو الخروج إلى الشارع للدفاع عن قوته تحصين مائدته المقدسة، وهذا ما لا يتمناه أحد في ظل هذا السياق المضطرب إقليميا ودوليا، وفي ظل تكالب الخصوم على المغرب من كل حدب وصوب حسدا منهم على الأمن و الاستقرار الذي تنعم به بلادنا.
وعلى هذا الأساس، فالحكومة انطلاقا من مسؤوليتها الدستورية والسياسية…مطالبة بالتحرك عاجلا قبل فوات الأوان للتدخل في إطار صلاحياتها واختصاصاتها من أجل وقف هذا الطغيان الذي تعرفه الأسعار، وبلورة برامج ومخططات استثنائية تنعكس على الحياة اليومية للمواطن مباشرة، والوقوف إلى جانب فقراء هذا الوطن،فالمغربي يقبل كل شيء إلا المس بكرامته لأنه لا يملك شيئا غير الكرامة.
سعيد بن معنان
عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية