أروى بريس
تعيش العلاقات المغربية الفرنسية حالة من التدهور منذ أكثر من عام، بدأت صامتة وأخيرا تحوّلت إلى حملات صحافية عنيفة، تقودها وسائل الإعلام فى قصر المرادية و تحريض ضد مصالح المملكة داخل أروقة البرلمان الاوروبي .
لم يسبق لرئيس فرنسي أن ألحق ضررا كبيرا بالعلاقات الفرنسية المغربية كما يفعل ماكرون وعصابته ،المطلعون على العلاقات يعرفون أن باريس والرباط تشهدان بالفعل طلاقا دبلوماسيا معلنا. بالإضافة إلى ذلك ، فهم مقتنعون بأنه من غير المجدي إخفاء الخطأ تحت السجادة ، لأن الخطوة الأولى لحل مشكلة ما هي التعرف عليها. ومع ذلك، لا يشعر ماكرون بالراحة في الحديث عن المشاكل وسوء الفهم لأنه ليس لديه خيار سوى تطبيق القاعدة الدبلوماسية القديمة: لقد تم بالفعل حل قضية مؤجلة.
من الواضح أن القضية التي أرجأها الرئيس الفرنسي لفترة طويلة هي موقفه من ملف الصحراء بعد الدعم الذي أعلنته الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب لتسوية النزاع الذي طال أمده.
ومع ذلك، فإن مسألة الصحراء لا تمثل سوى الجزء المرئي من جبل الجليد. لا تحب باريس إنجازات المغرب في القارة الإفريقية وجسوره الدبلوماسية المبنية حديثا، في حين أن العديد من الدول الأفريقية تظهر للجيش الفرنسي الباب لأنه لا توجد دولة ذات سيادة تقبل الوصاية الفرنسية. وبهذا المعنى، فإن الكثيرين هم أولئك الذين لديهم شعور بأن فرنسا تفعل كل ما في وسعها حتى لا يفرض المغرب نفسه على رأس المغرب الكبير وليس أحد اللاعبين الرئيسيين في القارة الأفريقية.
ليس هناك شك في أن البلد الصديق ليس البلد الذي يمنحك الورود ، بل البلد الذي يزيل الأشواك. ومع ذلك ، فإن ماكرون هو أحد هؤلاء الرؤساء الذين لا يعطونك الورود ولا يزيلون الأشواك ، بل على العكس ، أعطى ماكرون أوامرلفرق استخباراتية لزرع المزيد من الأشواك في طريق المملكة المغربية حتى تمشي عرجاء داخل إفريقيا . ليس سرا أن فرنسا تقوم منذ عدة أشهر بحملة واسعة النطاق لتشويه سمعة المملكة المغربية وتشويه صورتها من خلال أسطولها الإعلامي .
الحقيقة هي أن فرنسا تفقد حاليا نفوذها الثقافي والسياسي في المغرب، وبالمثل، فإن الأجيال الجديدة من المغاربة تختار بالفعل اللغة الإنجليزية كلغة للقراءة والعمل، لذلك فهم أقل تفانيا في دراسة اللغة الفرنسية التي هيمنت على المشهد الثقافي والسياسي المغربي لعقود. بالإضافة إلى ذلك ، بعد المصالحة بين إسبانيا والمغرب ، التزمت العديد من العائلات المغربية باللغة الإسبانية كلغة للمستقبل في المغرب ، مع الأخذ بعين الاعتبار نمو المصالح بين الدولتين والفرص التي يوفرها هذا الواقع الجديد.
بسياسته الهجومية ضد المغرب، لا يكتفي الرئيس ماكرون بكتابة وقائع طلاق معلن مع المغرب، بل يسرع عملية خروج فرنسا الثقافي من خلال التخلص من كل الإنجازات السياسة الثقافية الفرنسية في المملكة، لتوديع اللغة الفرنسية قريبا .
ما هو مؤلم هو الضرر الذي ألحقه صانعو السياسة الخارجية الفرنسية بالعلاقات الإنسانية بين شعبين تربطهما روابط خاصة يخشون اليوم أن “الايام الجميلة ” لن تعود أبدا.