تتفنن كاميرات التلفاز المغربي في إظهار تنوع الجماهير الحاضرة لمشاهدة مباريات فرقها المفضلة. فتركز على النساء العجزة، وعلى الشابات، والأسر التي تأتي مجتمعة للمباراة والأطفال والشيوخ. وهي رسالة سياسية تظهر من خلالها أن المدرجات الرياضية آمنة ليس فيها ما يدعو للقلق، وأن الرياضة تستقطب كل الأشكال والفئات العمرية والمادية، وأننا شعب يحب الكرة ويعشقها بشدة.
هي وسيلة لتقديم صورة إيجابية عن المغرب ككل، وتسويقه عبر العالم كماركة مسجلة. وهي أيضا طريقة يقول من خلالها المغرب أننا نستحق تنظيم التظاهرات الكبرى، وهو له في ذلك مآرب سياسية واقتصادية عبر جلب السياح وتنشيط الاقتصاد، والتعريف بالمملكة.
في المقابل فإن المغاربة لا يحتاجون لدرس أو ضوء أخضر أو رسالة تشرح لهم هذه الأمور. تجدهم يخدمون هذه الفكرة بطرق تشجيعهم الراقية، وانفتاحهم على الشعوب الأخرى والجماهير المنافسة في المدرجات، وتيفوهاتهم التي تصل للعالمية. حتى طريقة تشجيعهم في مونديال روسيا ثم مونديال قطر كانت رائعة راقية، تحس أن فيها من الانتظام ما يعبر عن طرق تشجيع متوارثة داخل البلد، يتعلمها المشجعون في وطنهم، حتى أثنى عليها كل من حضر مع الجماهير المغربية وجعل هؤلاء يصنفون من بين الأرقى في العالم.
وليست صورة حفظة القرآن إلى جانب شيخهم الجليل إلا واحدة من تجليات هذا الانسجام التام بين رؤية الدولة من خلال الرياضة، ومشاركة المغاربة في تنزيلها على الشكل الأمثل. حضور حفظة القرآن للملعب مشهد مهيب، يرسل المغرب من خلاله رسالة مفادها أننا بالكرة سنعرف العالم بأننا دولة وسطية معتدلة تنبذ التطرف شعبيا وثقافية، وأن تديننا لا يتعارض مع كل ما في الحياة من وسائل استمتاع، وأننا لا نغلق على أحد الحياة بالدين، وأن حب الكرة والرياضة يشمل جميع الفئات وممتد عبر الأجيال … كما فيها تعريفا بالثقافة المغربية من هندام وانضباط واحترام للشيخ المربي واحترام لأجواء الفرجة الجميلة.