بلجيكا – فوزية مبرور
فاعلة جمعوية تهتم بقضايا الثقافة و الفكر و حقوق الإنسان.
…وتفي الطبيعة بوعودها عكس بعض البشر. ويأتي الخريف في موعده حاملا جميع ملامحه.اوراق متناثرة هنا وهناك.بعض من الظلام.وجوه المارة تفقد اشراقها.سرب الطيور تهاجر دون إلقاء السلام.فهي لا تعشق هذا الفصل مثلي لكن من جاء في وقته لا يُلام.احسست أن كل الاشياء التي تشملني مبهمة فحتى نظري كان متعبا ومرهقا.كنت أسرع كي أمر في غفلة من هذا الشارع الذي سئم مني ترائ لي شبح رمادي بلون السماء شبح لا يمشي بل الريح هي من تحركه.حاولت تذكر تلك الملامح الباهتة إنها “س” توقفت عندها بدأت تنظر إلي فهي الأخرى استعصى عليها استخراج ما تبقى مني.
عانقتني بشوق أل 14 سنة التي لم نر فيها بعضنا.كانت تبكي أعرف فهي دموع لحكايات ألف ليلة وليلة.تسمر دمعي مكانه من الذهول:كيف للزمن الغاشم إتلاف كل الجمال الذي كانت تتمرغ فيه هذه السيدة؟ مسكتني من يدي ودخلنا بيتها:قطط سوداء، زجاجة خمر شبه فارغة، علبة سجائر هي الأخرى توشك على النهاية، طاولة بأربع كراسي وصالون بأحد الأركان. كان التلفزيون على قناة الجزائرية حتى وإن خرجت لا تطفأه.جلست بجانبها تنظر إلي دون كلام تعرف ما يدور براسي تعرف انني لم استطع الربط بين “س”الامس وتلك التي امامي.”س”التي كان يقام لها ويقعد بهذه البلدة الصغيرة.
كانت تنظر إلي تارة وتقبل يداي تارة أخرى ثم تسألني إن كنت قد تضجرت من رائحة الخمر والسجاءر.مسكت يدي اليمنى ودخلت في مونولوج مع كل خط بكفي.فاجاتني ببعض الاسماء.وببعض الأحداث بل والغريب ببعض الأحاسيس التي كنت أود اخفاءها عنها.تعود لتنظر الي ثم تقبل يداي فتنتهي بسؤالي مرة أخرى ما ان كنت قد تضجرت من راءحة الخمر والسجاءر.اخذت الزجاجة و قطرت الباقي منها في نصف كأس من العصير لكن أبت القطرات ألا تنزل.بعدها قلبت في علبة السجاءر لتجدها هي الأخرى فارغة.نظرت إلي في خجل ثم قالت:اقرضيني 20 اورو.طلعت الورقة من محفظتي ثم اخذتها للمحل كي تقتني بعض حاجاتها .نزلت أمام بيتها.اتممت طريقي وأنا سارحة من جديد في “س”الامس وتلك التي ودعتها منذ
دقائق.