أروى بريس
في خطوة تصعيدية، تستمر دول الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا في تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس ردّاً على ما اعتبرته “رفض” الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها لا تريد فرنسا إبقاؤهم على أراضيها. بل وارتفاع نسبة رفض الطلبات، وفي المقابل، تعمل أوروبا على مزيد من تسهيل التأشيرة لدول أمريكا اللاتينية بل والتفكير في إلغائها لكل دول المنطقة خلال السنوات المقبلة.
وكانت فرنسا قد أعلنت خلال سبتمبر الماضي التخفيض من عدد التأشيرات المخصصة لمواطني المغرب والجزائر وتونس بحوالي النصف تحت ذريعة عدم تعاون هذه الدول مع باريس في استقبال مواطنيها المقيمين بطريقة غير قانونية. واستقبلت حكومات الرباط والجزائر وتونس القرار الفرنسي بانتقادات قوية. وشنت صحافة شمال إفريقيا حملة ضد فرنسا بسبب هذه الإجراءات التي اعتبرتها عدوانية تزامنت وبداية أجواء الحملة الانتخابية الخاصة بالرئاسيات والتنافس مع اليمين القومي المتطرف الذي يربح أصواتا كثيرة بسبب خطابه حول الهجرة.
ومع مرور الشهور، يتضح تطبيق فرنسا الإجراءات المجحفة الخاصة بالحصول على التأشيرة، حيث ارتفع عدد الأفراد الذين يتم رفض طلبهم للحصول على التأشيرة ومنهم أفراد يشغلون مناصب ذات دخل مقبول أي الطبقة المتوسطة مثل طبيب ومهندس وتجار، وهم لا يدخلون في خانة المرشحين للهجرة السرية.
كما تتأخر قنصليات فرنسا في الرد على طلبات الحصول على الفيزا عكس الفترة الزمنية المعمول بها في الماضي. وامتلأت شبكات التواصل الاجتماعي ومنها في المغرب بانتقادات يوجهها مواطنون يؤكدون تعرضهم لممارسات إدارية غير ودية من طرف فرنسا انتقاما منهم بسبب سوء العلاقات بين باريس والرباط.
ويبقى المثير هو تقليد دول أخرى مثل إسبانيا وبلجيكا وهولندا وفي صمت سياسة فرنسا في هذا الشأن. إذ بدأت هذه الدول تجعل من الحصول على التأشيرة عملية صعبة عكس الماضي. وهذا يدل على وجود سياسة أوروبية غير معلنة في هذا الشأن لكن معالمها واضحة تتجلى في الرفع من نسب رفض التأشيرات لمواطني شمال إفريقيا. وتبرر بعض السفارات بطء الإجراءات بما تعتبره استمرار بعض الإجراءات الخاصة بحالة الطوارئ المتعلقة بجائحة كورونا.
وأمام التشدد تجاه شمال إفريقيا بل كل القارة الإفريقية تقريبا، يعمل الاتحاد الأوروبي تدريجيا على إلغاء التأشيرة على دول أمريكا اللاتينية وتسهيل إجراءات التأشيرة الأخرى. في هذا الصدد، ارتفع عدد دول المنطقة التي أصبحت غير ملزمة بالتأشيرة للدخول إلى دول شينغن في الاتحاد الأوروبي، ولم يعد الأمر يقتصر فقط على دول مثل المكسيك والأرجنتين والبرازيل والباراغواي والتشيلي بل امتدت إلى كولومبيا والهندوراس وغواتيمالا والبيرو.
ومنذ شهور أعلنت فرنسا وإسبانيا وإيطاليا عن نيتها الدفاع عن ضرورة إلغاء الفيزا لمواطني بعض الدول مثل بوليفيا وكوبا، وتركز أساسا في الوقت الراهن على إقناع باقي الدول الأوروبية إلغاء الفيزا لدولة الإكوادور خلال السنة الجارية أو المقبلة. وتفيد مصادر أوروبية لجريدة “القدس العربي” أن المفوضية الأوروبية ترغب في إلغاء التأشيرة على مواطني أمريكا اللاتينية قبل نهاية 2030، أي في ظرف ثماني سنوات.