الرباط .
أثار نص مشروع القانون رقم 20.04، المتعلق ببطاقة التعريف الوطنية المغربية ، ردود فعل قوية خاصة من لدن مكونات الحركة الأمازيغية وذلك بسبب عدم اعتماد كتابة الاسمين العائلي والشخصي لحامل البطاقة وباقي المعلومات المتعلقة به باللغة الأمازيغية، حيث ذهبت ردود الأفعال الصادرة عن عدد كبير من المنظمات والجمعيات والهيئات الأمازيغية إلى اعتبار “إقصاء” اللغة الأمازيغية من الحضور في بطاقة التعريف الوطنية، التي هي رمز من رموز الهوية، “يعتبر ضربا لمقتضيات دستور المملكة، الذي نص على أن اللغة الأمازيغية هي لغة رسمية إلى جانب العربية”.
وفي هذا الإطار ، أصدرت منظمة تماينوت والجامعة الصيفية وكونفدرالية الجمعيات الأمازيغية بالجنوب والشمال والتنسيق الوطني الأمازيغي ، بيانا مشتركا، ذكرت من خلاله أنها ” تلقت بقلق كبير وتذمّر شديدين إقصاء اللغة الأمازيغية في مشروع القانون رقم 20.04″، منبهة إلى أن هذا الإقصاء ” هو خرق لمبدأ تكييف القوانين والتشريعات الجديدة مع مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”، مشيرة إلى أن ” إقصاء” الأمازيغية في مشروع القانون سالف الذكر ،” سيبعث على الشكوك في توفر الإرادة السياسية وفي جدية الدولة في التزاماتها، وسيزيد من زمن الإقصاء والتهميش الذي طالما عانت منه الأمازيغية”.
وفي نفس السياق طالبت المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية (معارضة حكومية) خلال اجتماع اللجنة المختصة لمجلس النواب، بسحب “مشروع القانون المذكور ، لكونه ” يشكل خرقا للدستور ويقصي اللغة الأمازيغية ، حيث يغيب المشروع الحكومي أحد المقومات الأساسية للهوية المغربية وهي اللغة الأمازيغية التي يجسدها حرف تيفيناغ.
واعتبرت رئيسة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية، أن الحكومة و مكونات الأغلبية التي صادقت على مشروع القانون في المجلس الحكومي قبل أن تحيله على البرلمان، تتحمل مسؤولية تجاهل الهوية الوطنية التي يحميها ويحددها الدستور، ومخالفة مقتضيات القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية الذي تحتل فيه بطاقة التعريف الوطنية مكانة الصدارة ضمن الوثائق التي يجب تحريرها باللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية.
كما ترى رئيسة المجموعة النيابية للحزب التقدمي المغربي أن ” مضامين المشروع الحكومي ،تحمل مساسا بالحياة الخاصة والمعطيات الشخصية للأفراد التي يحميها الدستور” .
وبعد هذا الموقف الرافض الذي عبر عنه حزب التقدم والاشتراكية ، كان حزب الأصالة والمعاصرة ، المعارض، سباقا للتعبير عن تفاجئه لغياب اللغة الأمازيغية في النموذج الجديد لبطاقة التعريف الوطنية، ونبه في مراسلة إلى وزارة الداخلية عبر فريقه النيابي بمجلس النواب بكون مشروع القانون المذكور مخالف لمقتضيات المادة 21 من القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، والتي تنص على تحرير البيانات المضمنة في الوثائق الرسمية وعلى رأسها البطاقة الوطنية للتعريف باللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية.
كما استنكر الحزب وفق مراسلة فريقه النيابي ” تراخي وتماطل العديد من الإدارات المغربية في احترام واستخدام اللغة الأمازيغية المنصوص عليها في الدستور والقانون، مقابل تشبثها باستعمال اللغة الأجنبية “الفرنسية” في الوثائق والقرارات والمراسلات وغيرها من الوثائق”.
يذكر أن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، قال أمام مجلس النواب إن “الجيل الجديد من البطاقة الوطنية الجديدة يهدف إلى الاستجابة لتطلعات المواطنين، ومحاربة التزوير وانتحال الهوية؛ وذلك بكون هذه البطاقة ذكية ومؤمنة وعملية”.
وأشار لفتيت، ضمن عرض لمشروع القانون رقم 04.20 ، أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، إلى أنه “بعد أكثر من عشر سنوات من إحداث البطاقة الوطنية الإلكترونية، تم التفكير في تطوير هذه الوثيقة التعريفية، للحد من مظاهر التزوير الجديدة من جهة، ومن أجل إدماج وظائف جديدة من جهة أخرى تسمح بمواكبة الرؤية التنموية الرقيمة التي تنهجها المملكة”.
ويقترح المشروع الحكومي خفض السن الإلزامي للحصول على بطاقة التعريف من 18 سنة إلى 16 سنة، معلنا إمكانية منحها للقاصرين بطلب من النائب الشرعي، مع إجبارية تجديدها عند سن 18 لأخذ البصمات، معلنا أنه “سيتم تعويض شفرة البطاقة الحالية بالمساحة المقروءة آليا، وإحداث قن ولوج مطبوع على البطاقة”.
وأوضح وزير الداخلية أن “هذين العنصرين يسمحان بالولوج إلى النسخة المسجلة في الرقاقة الإلكترونية التي تشمل المعلومات المطبوعة على الوجهين الأمامي والخلفي”.
وأبرز المسؤول الحكومي أن البطاقة “تسمح بتسجيل معلومات إضافية اختيارية تتضمن العنوان الإلكتروني ورقم الهاتف واسم الشخص الذي يمكن الاتصال به في حالة الطوارئ”، مشيرا إلى أنها “تعفي من الإدلاء برسم الولادة، وشهادة الإقامة، وشهادة الحياة، وشهادة الجنسية”.
وتحتوي البطاقة الوطنية، وفقا لوزارة الداخلية، على رقاقة مشفرة غير ظاهرة، ومساحة مقروءة آليا غير مشفرة يمكن قراءتها بواسطة آلات ملائمة، تحتوي على شهادات أمان رقمية تصدرها المديرية العامة للأمن الوطني وهي عبارة عن مستندات إلكترونية مشفرة مرتبطة بالبطاقة وبصاحبها بشكل فريد.