يونس زهران أروى بريس
زيارة نائب كاتب الدولة للرباط و الجزائر لها عدة قراءات و تحمل عدة رسائل .
فأما القراءات ، فيمكن قراءتها كالتالي :
أمريكا تريد أن تلعب دورا محوريا في شمال إفريقيا و خصوصا في ضبط إيقاع العلاقات المغربية الجزائرية من جهة و العلاقات المغربية الإسبانية من جهة أخرى . فهي تعرف أن العلاقات الثنائية بين مدريد و الرباط يحكمها التعقل والرصانة و كلا البلدين يضعان الأمن الإقليمي ضمن الأولويات ، و لهذا فالتقارب بينهما و إعادة المياه إلى مجاريها بين علاقاتهما يتم بسلاسة . عكس الجزائر التي تبحث عن القلاقل في المنطقة لتوجيه رأيها العام نحو قضايا لا تهمه في شيء كافتعال قضية البوليساريو و تبنيها ، موقفها من الملكية و حقدها الدفين عليها يعود إلى عهد الشيوعية البائدة التي كانت من ضمن أهدافها محاربة الملكيات .
ارتباط الجزائر الوثيق بروسيا إحدى الأمور التي تثير قلق الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أن هذه الأخيرة تتحكم في مفاصل الإقتصاد الجزائري عبر إداراتها لمشاريع المحروقات داخل الجزائر . و سيطرة روسيا على الجهاز العسكري الجزائري إحدى هذه التخوفات ، بسبب قلة الزبناء للأسلحة الروسية عبر العالم ، و لذلك فهي تذكي نار الحروب لترويج الفائض من سلاحها .
أما الرسائل التي تبعثها زيارة نائب كاتب الدولة في الخارجية ، فهي قلقه من التقارب المغربي الإسرائلي ، و الاهتمام المغربي بالتكنولوجيا الاسرائيلية في مجال العسكري ، و هو مجال كان إلى وقت قريب من نصيب أمريكا .
ثاني هذه الرسائل و هو قلق واشنطن من السيطرة المغربية على شمال افريقيا بعد تقارب الاسرائلي المغربي ، و رضوخ اسبانيا للمغرب جعله في موقف قوة ستمكنه من فرض سيطرته على المنطقة كقوة إقليمية رقم واحد .
رغم هذا ، فالمغرب يعتبر الحليف الأول الموثوق به من طرف واشنطن ، غير أن تنامي سيطرته على المنطقة ديبلوماسيا ، يجعلها تتوجس من تقاربه المتين مع تل أبيب و ميل الكفة لصالح إسرائيل سواء دبلوماسيا أو اقتصاديا أو عسكريا .
ولهذا فأولوية واشنطن هو الإبقاء على الأزمة المغربية الجزائرية دون تطورها إلى مواجهة عسكرية محتملة ، كي لا يتضايق مجال نفوذها بعنصر آخر غير مرغوب فيه ، ألا و هو روسيا .