يونس لقطارني – أروى بريس
تعيش جبهة “البوليساريو” في الآونة الأخيرة، على وقع خلافات وصفتها جهات أمنية ملمة بالموضوع بالخطيرة والغير المسبوقة.
وحسب المعطيات الواردة من داخل دواليب الجبهة الانفصالية كشف التسجيل المنسوب للبشير مصطفى السيد عن وجود صراع تيارات داخل الجبهة، وهو صراع له ارتباط مباشر بالعلاقة مع النظام الجزائري وتحكم هذا الأخير في قيادات الجبهة، وأن الخلافات ستبرز بشكل أكبر مع قرب تنظيم مؤتمر الجبهة المزعم عقده باسبانيا اواخر شهر دجنبر 2022 بجزر الكناري .
و اعترف القيادي في البوليساريو البشير مصطفى السيد أن الجزائر ورطت الجبهة الانفصالية في مخطط إغلاق معبر الكركرات سنة 2020 وهو ما قاد إلى تدخل الجيش المغربي في المعركة وتغيير اتجاهها، مهاجما زعيم بوليساريو إبراهيم غالي محملا إياه مسؤولية العزلة التي تعيشها الجبهة.
وتأتي هذه التصريحات لتظهر وجود أزمة حقيقة بين الجزائر والجبهة الانفصالية ما يعزز مقاربة المغرب لإنهاء مشكلة الصحراء، وهي المقاربة التي حازت على اعتراف دولي واسع في السنوات الأخيرة.
واتهم مصطفى السيد في تسريب صوتي الجزائر بتوريط قيادة بوليساريو في القرارات التي اتخذتها بعد أحداث الكركرات، كاشفا عن أن قرار خرق اتفاق وقف إطلاق النار مع المغرب كان بإيعاز من رئيس أركان الجيش الجزائري الراحل، أحمد قايد صالح، الذي أعطى الضوء الأخضر للجبهة من أجل التصعيد، بهدف جر المغرب إلى حرب استنزاف عسكري ومالي، غير أن بوليساريو سقطت في الفخ حين أعلنت الحرب وفق قرار غير مدروس.
ويقول مراقبون إن تواتر التصريحات الرافضة لهيمنة الجزائر على الجبهة ورفض القيادة الحالية التي تتحكم فيها الجزائر بشكل كامل وإظهار فشل الجبهة الانفصالية عن لعب الدور الذي يطلب منها كلها عناصر تؤكد فشل رهان الجزائر على الجبهة التي لن تستمر طويلا قبل أن تتوسع فيها الانشقاقات والاستقالات كمؤشر على نهايتها.
وحمل القيادي في بوليساريو الأمين العام للجبهة إبراهيم غالي مسؤولية ما تعيشه الجبهة، منذ خرق اتفاق معبر الكركرات في 2020، من عزلة إقليمية ودولية، بسبب فشله فيما أسماه “استثمار ما حدث في الكركرات لصالح الجبهة”، متهما الجزائر بتوريط القيادة في القرارات التي اتخذتها بعد أحداث الكركرات.
وأضاف أن غالي “لم يحقق أيّ مكاسب للمخيمات”، وأن القيادة الحالية “عاجزة عن تحمل مسؤوليتها في كل الإخفاقات السياسية والعسكرية التي تبعت عملية الكركرات”.
وسبق للبشير مصطفى السيد، أن انتقد “الجولات” التي قام بها غالي في “النواحي العسكرية” في مايو الماضي ووصفها بأنها “صور سيلفي بسيطة لخداع الرأي العام”.
ويكشف التسريب الصوتي وجود انقسام حاد وخطير داخل بوليساريو بشأن تعاطي الجبهة مع أحداث الكركرات وما تلاها من إعلان بوليساريو خروجها من اتفاق وقف إطلاق النار مع المغرب الموقع سنة 1991 برعاية الأمم المتحدة.
وبدأت حقائق التصدع داخل الجبهة الانفصالية تنكشف على فترات من طرف قيادات وازنة، وتتقاطع مع شهادات متعددة منها ما أكده مؤخرا عنصر أمن بوليساريو السابق صالح العظمي (قريب القيادي في بوليساريو ومدير أمنها سابقا عمار العظمي)، أن مسؤولين في المخابرات الجزائرية قد وجهوا تعليمات لقيادة بوليساريو غداة أحداث 1988 التي شهدتها مخيمات تندوف، بضرورة تصفية المشاركين في الاحتجاجات بمن فيهم العناصر القيادية في الجبهة.
وتأتي هذه التصريحات المثيرة مع اقتراب جولة للمبعوث الأممي المكلف بملف الصحراء ستيفان دي ميستورا إلى المنطقة لتشمل موريتانيا والجزائر، شهر سبتمبر المقبل. وكشفت صحيفة “أفريكا أنتيليجنس” أن المبعوث الأممي سيعقد مجموعة من اللقاءات مع وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة، ووزير الخارجية الموريتاني محمد سالم مرزوق، وأنه سيقوم بزيارة إلى مخيمات تندوف.
وقام المبعوث الأممي بزيارة إلى المغرب، في يوليو الماضي، أجرى خلالها مجموعة من المحادثات بخصوص قضية الصحراء مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة. وأكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، آنذاك، أن زيارات دي ميستورا تهدف إلى دفع العملية السياسية في الصحراء بشكل بنّاء”.
ومن المؤكد أن دي ميستورا سيقوم بالتحضير للقرار الأممي الذي سيتم تبنيه في أكتوبر المقبل بشأن مصير مهمة مينورسو، في سياق مختلف يشهد دعماً دولياً واسع النطاق لمبادرة الحكم الذاتي، ووجود أكثر من 30 قنصلية في مدن الصحراء.
ومن منطلق رؤية سيادية أكدت وزارة الخارجية المغربية أن “المغرب جدد تشبثه بالمسلسل السياسي للموائد المستديرة، طبقا للقرار 2602، الذي يدعو إلى التوصل إلى حل سياسي واقعي، عملي، مستدام، وقائم على التوافق للنزاع الإقليمي حول الصحراء”.