في زمن يختزل نجاح المسؤولين في عدد صورهم على منصات التواصل الاجتماعي وكثرة خرجاتهم الإعلامية، يبرز إدريس مصباح كاستثناء لافت. رجل هادئ لا يبحث عن الأضواء، بل يعمل بصمت وبتأنٍ، يمشي بخطى ثابتة لا تتسرع، يلاحق الأثر بدلاً من الضوء.
من مفتش عام في قطاع المياه والغابات، حيث راكم معرفة معمقة بالبيئة وتوازناتها الحساسة، إلى عامل على إقليم إفران الذي يحمل عنوان الإيكولوجيا، لا يمكن اختزال تعيينه في مجرد تغيير إداري. لقد كان انتقالًا من هندسة الغابات إلى هندسة الدولة، حيث يرسم مسارات التنمية بحس بيئي وعين خبيرة.
عين ثالثة ترى ما لا يراه الإداري العادي إدريس مصباح ليس رجل مكتب. هو ابن الميدان، والخرائط الطوبوغرافية، ومخططات التهيئة الغابوية، يعرف جيدًا أن أي خلل في التوازن الطبيعي يُخلّف خسائر صامتة، تمامًا كما أن أي خطأ في القرار العمومي يُعمّق الهشاشة بصمت قاتل.
ولذلك، حين تسلّم مسؤولية إقليم إفران، لم يأتِ بخطاب شعبوي ولا بجلبة إعلامية، بل بدأ بإعادة ترتيب الأسئلة:
ما الذي يجب الحفاظ عليه؟ ما الذي يمكن استثماره؟ وأين تكمن القيمة الحقيقية لهذا المجال الحيوي
إفران في مرآة رجل دولة منذ تعيينه، بدأ إدريس مصباح يُعيد صياغة العلاقة بين الإدارة والمجال، بين التسيير اليومي والتخطيط الاستراتيجي. يتنقّل في الإقليم بنظرة الباحث لا المراقب، يقرأ تضاريسه كأنها وثيقة حية، ويُحدّث خريطة الاستثمار انطلاقًا من معرفته العميقة بقيمة الماء، والغابة، والإنسان.
في المحطات الجهوية الكبرى، مثل منتدى فاس مكناس الاقتصادي 2025، حضر إلى جانب عامل إقليم إفران عدد من عمال جهة فاس مكناس، بالإضافة إلى وفود من المستثمرين المحليين والدوليين، مما أضفى على الحدث طابعًا حيويًا ومفتوحًا على فرص استثمارية واعدة.
الهدوء الذي يخفي إرادة صلبة بعيدًا عن الصخب، يُمارس الرجل عمله بتركيز لافت. لا ينخرط في صراعات ثانوية، ولا يُطلق الوعود جزافًا. بل يُؤمن أن الأقاليم تُبنى بالاستمرارية، والثقة، والإقناع، لا بالشعارات.
وهذا ما يجعل كثيرين يراهنون عليه: ليس لأنه صاخب، بل لأنه هادئ بما يكفي ليكون فعالًا.