أبو نزار – أروى بريس
في ظل ظرفية عالمية دقيقة تتسم بتحديات اقتصادية وجيوسياسية معقدة، تشهد المملكة المغربية حركية تنموية متسارعة، لا سيما في ما يتعلق بمحاربة الفساد وتعزيز البنية التحتية في مختلف جهات المملكة. من الطرق والموانئ إلى المناطق الصناعية والمشاريع الكبرى، يبدو أن الدولة تسعى جاهدة لوضع المغرب في مصاف الدول الصاعدة.
لكن، في المقابل، يعيش المواطن المغربي يوميًا واقعًا اجتماعيًا لا يعكس بالضرورة هذا الزخم التنموي. فارتفاع الأسعار، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، واستمرار معضلة البطالة، تجعل الكثيرين يشعرون بأن الإصلاحات لا تمس جوهر معاناتهم، وأن أولوياتهم الاجتماعية ليست في صلب السياسات العمومية.
وما يزيد من تعقيد الصورة، هو أن هذه الإصلاحات الكبرى لا تبدو نابعة من برنامج حكومي واضح المعالم، بل إن الوتيرة المتسارعة لمحاربة الفساد وتعزيز الشفافية تعكس، حسب العديد من المتابعين، إرادة ملكية قوية، أكثر منها رؤية حكومية منبثقة عن تعاقد ديمقراطي حقيقي مع المواطنين.
وفي هذا السياق، يُستحضر خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حين قال: “أنتم المسؤولون عن اختياراتكم”. وهي رسالة واضحة بأن التغيير الحقيقي يمر عبر صناديق الاقتراع، وبأن تحسين الأداء السياسي يبدأ أولًا بحسن اختيار من يمثل تطلعات الشعب، لا من يتكلم باسمه دون إنجاز فعلي على الأرض.
مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، تبقى الفرصة سانحة أمام المواطن المغربي ليعيد ترتيب أولوياته، ويفرض من خلال صوته نموذجًا تنمويًا أكثر توازنًا، يجمع بين الاستثمار في البنية التحتية، وبين بناء عدالة اجتماعية حقيقية تضمن الكرامة والعيش الكريم للجميع.