أروى بريس – إسبانيا
يوجد في السجون الإسبانية أكثر من 80 سجينًا أدينوا بالإرهاب الجهادي وراء القضبان ، وفقًا للبيانات التي قدمتها مؤسسات السجون إلى جريدة أروى بريس .
وتعتبر السجون الإسبانية أرضًا خصبة للتطرف المؤدي إلى العنف بالنسبة إلى الأفراد المحرومين من حقوقهم. وتتعرض السجون، خاصة التي تتسم عملياتها وإجراءتها الإدارية بالضعف والهشاشة، لخطر التحول إلى مناطق تجنيد للمنظمات الإرهابية، ومن ثم تتفاقم المخاطر التي تتزايد مع احتجاز أو سجن المقاتلين العائدين والمتطرفين العنيفين.
كشف تقرير جريدة ”نوتيثياس دي جيبوثكوا” الإسبانية، بتاريخ 3 يناير 2023م، عن تغيير أساليب تجنيد العناصر الإرهابية مؤخرًا، وإساءة استغلال الفضاء الإلكتروني. وهو ما يؤكد قدرة هذه التنظيمات على التكييف مع طبيعة الأوضاع، وهذا يتطلب ضرورة المتابعة المستمرة، ووضع الإستراتيجيات المناسبة للمكافحة.
من ناحية أخرى، فقد حذر خبراء إسبان في شؤون مكافحة التطرف، من توسع أنشطة التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل، والمغرب الإسلامي، باعتباره واحدًا من أكبر التحديات لأمن المنطقة، وللأمن الأوروبي وخاصةً إسبانيا، حيث إنها الدولة الوحيدة التي لها حدود برية مع تلك المنطقة. وهو ما يوحي بعدم وجود خطة تأهيل واقعية، تتسم بالفاعلية والقدرة على تغيير أفكار المتطرفين. وتمثل منطقة الساحل تهديدًا أمنيًّا على أمن أوروبا ككل، وبالتالي أصبح من الضروري وضع خطط أمنية، وفكرية، وتنموية للحد من خطورة الآثار المترتبة على تمدد الفكر المتطرف هناك.
ومن الإجراءات المطمئنة في هذا الصدد، ما قامت به الأمانة العامة للمؤسسات الإصلاحية التابعة لوزارة الداخلية الإسبانية (SGIP)، ردًّا على تلك التخوفات، حيث وضعت برنامجًا جديدًا لمكافحة التطرف في السجون الإسبانية، وفق ما ذكره موقع “ذا أوبجكتيف” الصادر بالإسبانية، في 12 يناير 2023م. وتعد هذه الخطة نسخة مُحدَّثة من الخطة السابقة التي ألغتها الأمانة العامة بعد النتائج غير الجيدة التي تحققت منذ تنفيذها في 2016م. ومن المقرر أن يعلن عن تفاصيل الخطة الجديدة مع الشروع في تنفيذها في فبراير 2023م.
وقررت إدارة السجون سحب البرنامج الذي رُوِّج له في أواخر العام الماضي 2022م بعد ثبوت عدم جدواه، وإخفاقه في تحقيق الهدف منه بعد تطبيقه على السجناء المتورطين في جرائم التطرف.
وتسعى الأمانة العامة -من خلال هذا البرنامج- إلى إعادة تأهيل هؤلاء السجناء، والقضاء على الفكر المتطرف، ومنع انتشاره، سواء داخل السجون، أو خارجها بعد قضائهم مدة عقوبتهم. والجدير بالذكر أنه حتى سبتمبر 2022م خضع أربعة سجناء فقط لهذه الخطة الاختيارية، بما يمثل 4% من إجمالي عدد السجناء البالغ (98) سجينًا. وعلى مدار السنوات الست الماضية، سجل (52) سجينًا فقط في ورش إعادة الإدماج، والتأهيل ضمن خطة تأهيل السجناء المتطرفين.
أما بالنسبة للمعتقلين بتهمة الإرهاب المتطرف، فقد بلغ (350) معتقلًا في نفس الفترة الزمنية في عمليات نفذتها الأجهزة الأمنية، أي إن من سجلوا في هذه الخطة لا يمثلون سوى 14% من إجمالي عدد المعتقلين بهذا النوع من التهم.
يذكر أن السنوات الأولى التي أطلقت فيها هذه المبادرة، خلال عامي 2016م و2017م تعد الأكثر نجاحًا، حيث تراوحت أعداد سجناء جرائم التطرف بين 14 و15 سجينًا مسجلًا. وقد راعت الخطة السابقة في عام 2016م، الجانب النفسي في إعادة التأهيل.
وكان البرنامج التأهيلي ينقسم إلى ثلاث مراحل، بلغ مجموع خطواتها 19 خطوة، من بينها معرفة الذات، والتعديل والتغيير الشخصي. وأوضحت مصادر بإدارة السجون أن الخطة السابقة كانت كارثية، ولذا فإنها لم تنجح. كما أفادت “راكيل ألونسو”، رئيسة جمعية مناهضة التطرف الراديكالي، ومساعدة الضحايا غير المباشرين بأنه ليست هناك أدوات مناسبة تمكن إسبانيا من القيام بهذه المهمة.
هذا السيناريو دفع إدارة السجون إلى إعادة النظر في تصميم هذا البرنامج مطلع عام 2022م، والذي يهدف إلى فصل السجين تدريجيًّا عن العنف، وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديه والعمل على إعادة تأهيله. ثم قررت الأمانة العامة إحالة هذا البرنامج للمراجعة والتحسين بمشاركة مجموعة من الخبراء المتخصصين في قطاع السجون، لوضع منهجية لتفنيد الفكر المتطرف، وتحفيز السجناء على المشاركة في برنامج إعادة التأهيل.