إعداد مولاي المهدي غرايبة
تعتبر النساء صحافيات المحرك الأساسي لعجلة التقدم والتنمية، فهن يمثلن الحاضر والمستقبل، الأمر الذي يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة تحتم علينا أن نتطلع إلى المستقبل ونحن متأكدون من قدرات الصحافيات اليوم و قدراتهن القيادية في إدارة مختلف المناصب في المؤسسات الإعلامية.
تبحث ورقة السياسات هذه، في أسباب ضعف وصول الصحافيات الشابات إلى المناصب القيادية داخل المؤسسات الإعلامية، الأمر الذي ساهم في تهميش دورهن في المنظومة الإعلامية وتقزيم الدور الحيوي الذي يمكن الصحافيات أداؤه في إطار استراتيجيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية. إذ تحاول الورقة إبراز الدور الهام الذي يمكن الصحافيات من بناء أجندات وطنية تستجيب للاحتياجات وإمكانيات المجتمع المغربي.
كما تبحث هذه الورقة، في الأسباب التنظيمية والقانونية التي أثرت على وصول الصحافيات للمواقع القيادية داخل المؤسسات الإعلامية، إضافة إلى ذلك فإن هذه الورقة تبحث في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية وتتقصى واقع العمل الصحفي، وذلك بغيت الوصول إلى مجموعة من التوصيات التي من شأنها بناء بيئة حاضنة للعمل الصحفي وخصوصا في صفوف النساء الصحافيات وتوفير الدعم القانوني والحقوقي، الذي من شأنه تسهيل ولوج الصحافيات إلى قيادة المؤسسات الإعلامية وضمان وصول أصواتهن لبناء أجندات العمل التنموي وخلق بيئات العمل الصحفي.
تقدم هذه الورقة تحليلا فنيا متخصصا بناء على إطلالة على عدد من الأنظمة الداخلية البروتوكولية، والتي أظهرت ضعف هذه الأنظمة والقوانين في توفير حماية قانونية وبيئة داعمة للعمل الصحفي في صفوف النساء، حيث لوحظ هناك قصور واضح داخل المؤسسات الإعلامية في إفساح المجال للصحافيات للعمل الصحفي، في ظروف جيدة وقصور في توفير برامج لدعم قدرات الصحافيات للوصول إلى مناصب المسؤولية.
وبناء على ما سبق، تقدم ورقة السياسات مجموعة من التوصيات التي من شأنها دعم توفير مناخ آمن للصحافيات لتفعيل مشاركتهن في صناعة القرار عبر عدة توجيهات من شأنها دعم الصحافيات، بإضافة برامج تدريبية متخصصة في مجال قيادة العمل الصحفي، كما توصي الورقة بتطوير أدوات العمل الصحفي وتشريعاته لتوفير بيئات دامجة للصحافيات الشابات تسمح لهن بالوصول إلى مناصب المسؤولية داخل المؤسسات الإعلامية، تمهيدا لدور أكبر على مستوى الاستراتيجيات الوطنية من خلال مشاركة فاعلة و عادلة في العمل الصحفي القيادي.
عرف المجتمع المغربي خلال الربع قرن الأخير تحولات هامة وجدرية في ما يخص النهوض بالشؤون الحياتية للمرأة الصحافية، وذلك عبر عدة مراحل كانت البنية الأساسية هي النداءات المتوالية لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، للاهتمام وإيلائها الحظوة والمكان المناسبين لجعلها فاعلا وشريكا أساسيا لا يتجزأ من البرامج المخططة للتنمية بالمغرب.
بيد أن كل هاته الخطوات الاستراتيجية والنداءات المتوالية، والبرامج الهيكلية، لا زالت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الغاية الأسمى التي كانت سببا فيها، والتي تعرف قصورا ذاتيا وعرقلة بنيوية.
وبالرجوع إلى محور اهتمامنا وهو المرأة الصحافية، ها نحن اليوم نجد أنفسنا وبكل موضوعية أمام تصدع كبير بين التوصيات و المٱلات، بين الواقع والتطلعات، في ظل مبادرات محتشمة للدفع بتمثيلية تليق بالمرأة الصحافية في مجالاتها الخاصة لمزيد من تحليق الحياة العامة.
ان الرغبة الحثيثة للصحافية في تخطي العقبات والصعاب المهنية التي تواجههن في ظل إكراهات مجتمعية عديدة حقيقية، تجعل من هاته الورقة السياسية جوهر اهتمامنا، للوقوف على أهم وأعمق التحديات التي تواجهها هاته الأخيرة، وتنال من حظوظها في بلوغ أهداف البرامج المسطرة للمساواة بين الجنسين وتحقيق تنمية مستدامة.
وبتسليط الضوء على الإكراهات، فإن للمرأة الصحافية عديدا من المعيقات الشخصية التي تجعلها في منٱى عن مزاولة مهنتها بكل استقلالية وتحرر، فالمسؤوليات الأسرية وتبعياتها الشاقة والحالة الفيزيولوجية للمرأة بصفة عامة والنظرة الذكورية الطاغية في المجتمع في كل الأوساط والمقاربة الحقوقية المتبنات اتجاه العاملات بالجسم الصحفي وبالقطاع الإعلامي على العموم، كلها عوامل لا تسعف على اكتمال الرؤية الاستراتيجية المبنية على التعاضد في الزمان والمكان المناسبين، رؤية استراتيجية تعتمد بالأساس على تعاقد مكاني وزماني، فالأول يوفر لنا مناخ المشاركة في إيجاد حلول عملية لمعالجة الإشكالية الكبرى لورقتنا السياسية، اما الثاني فيوفر لنا بيئة التوقع ودراسة جدوى حلولنا العملية المقترحة و خطوات النهوض بالمرأة الصحافية، وهاتين المادتين المهمتين، التعاقد زمانيا ومكانيا هو الآلية الفكرية الوحيدة للابتكار وملائمة الحلول للمشاكل مباشرة كدمج المقاربة الحقوقية بمقاربة النوع وصياغة مقاربة تشاركية خلاقة للحلول الاستراتيجية لا الآنية.
اليوم نحن بصدد بنات رؤية مترامية الأطراف متعددة الأقطاب متشابكة الفاعلين بالنظر إلى الهدف الرئيسي من هاته الورقة السياسية التي تعتمد بالأساس على الجهود المبذولة من تعبئة فكرية من طرف المنتدى المغربي للصحافيين الشباب كشريك رئيسي، والحاضن المعتمد الى جانب المجلس الوطني للصحافة و وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي و ووزارة التربية الوطنية، بالإضافة الى فاعلين مدنين و حقوقيين و مختصين، تلك لائحة غير نهائية بعدد من الجهات التي يمكنها أن تشكل شريكا أساسيا للورقة السياسية، وتصب في اتجاه تحقيق الإنصاف والمساواة والعدل بين كافة مكونات الجسم الصحفي، اعتمادا على المؤسسات الإعلامية كقناة فعالة للتواصل.
إن أول ما يثير الانتباه في موضوع المشاكل والإكراهات التي تعاني منها الصحافيات في إطار عملهن، هو توجه جلهن نحو إنكار وجود مشاكل خاصة بهن، أو على الأقل تجاهلها. غير أن تفكيك السؤال العام عن ظروف الممارسة، إلى أسئلة جزئية، عادة ما يضعنا أمام واقع تمييزي إزاء الصحافيات باعتبارهن نساء في مجتمع لازالت تحكمه، في الكثير من المظاهر والتجليات، نظرة دونية للنساء، ويعملن في مجال ليست هياكله وعلاقاته الداخلية إلا انعكاسا للمجتمع الذي يعشن فيه.
إذ تعاني الصحافيات التمييز في الأجور، بشكل معلن حينا، ومقنع في أغلب الأحيان في ضرب سافر لحق من حقوق الإنسان ولمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات. كما أن غالبية الصحافيات، يشُكُون من هشاشة الإطار القانوني للمؤسسات الإعلامية التي لا توفر دائما ظروف الاستقرار المهني، يضاف إلى ذلك تهميش الصحافيات داخل المؤسسة وتكليفهن بإعداد مواضيع تهم مجالات التسلية والموضة والتجميل وتخصيص قضايا المرأة والأسرة، مقابل إيثار الصحافي ين بالقضايا السياسية والاقتصادية وغيرها.
وفي الوقت الذي يعد فيه الإنجاب والأمومة أدوارا إنتاجية تعوض عنها النساء في الكثير من المجتمعات المتقدمة في مجال حماية حقوقهن، مازال الإنجاب يعامل وكأنه عقوبة بالنسبة للمرأة العاملة، فتهمش المرأة الحامل وحديثة الولادة، فلا تكلف بتغطية ندوات خارج الوطن، ولا تحظى بفرص التدريب، ولا تتمتع بفرص الترقي وبلوغ مراكز المسؤولية مما يؤثر سلبا على مسارها المهني.
زد على ذلك الافتقار الى قوانين تضمن الحق في المعلومة وعدم تفعيل القوانين ذات الصلة المتوفرة في بعض البلدان، جعل المعلومة ريعا بيد المسؤولين يخصون به من يشاؤون، وهم في العادة صحافيون ذكور يكون ربط العلاقات معهم والالتقاء بهم في الأماكن العامة أمرا متيسرا للصحافيين بشكل أكبر بكثير من الصحافيات.
وتبقى المؤسسات الإعلامية ومختلف المتدخلين في المجال في حاجة لبذل جهود أكبر لتفعيل الحضور النوعي للصحافيات، وتحسين أوضاعهن ومواقعهن داخل المؤسسات الإعلامية، وجعل حضورهن الكمي المتزايد في وسائل الإعلام حضورا نوعيا أيضا، وتمكينهن من الوصول إلى مراكز القرار لا كواجهات فقط وإنما كمسؤولات لهن سلطة القرار فعلا.
من الضروري استثمار عدة مداخل لترسيخ مبدأ التكافؤ المهني ضمن المؤسسات الإعلامية، وذلك انطلاقا من المسار التكويني لطلبة وطالبات كليات ومعاهد الصحافة والإعلام والاتصال العمومية والخاصة ومرورا بالمؤسسات المشغلة والمؤسسات المهنية من نقابات وجمعيات من الضروري استثمار عدة مداخل لترسيخ مبدأ التكافؤ المهني ضمن المؤسسات الإعلامية. ولئن يصعب حصر كل مجالات التدخل لتحقيق التكافؤ المهني، فإنه من الممكن اقتراح الدفع في اتجاه تعديل القوانين المنظمة للعمل الصحافي، بما يجعلها تنص بشكل واضح وصريح على ضرورة ضمان المساواة بين الرجال والنساء في الحصول على عمل وفي الأجر والترقية والتكوين والتكوين المستمر و العطل، وحث المؤسسات الإعلامية على اعتماد مقاييس شفافة ونزيهة تراعي مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الصحافيات و الصحافيين في التوظيف وتحديد الأجور والتدريب والتكوين المستمر والتكليف بالمهام والترقية لمراكز المسؤولية.
نأمل أن تشكل هذه الورقة أداة معلوماتية ومعرفية، تساهم في رفد صناع القرار والمعنيين والذين يتوجون نحو الإصلاح بأدوات تكاملية بين السلطة التنفيذية والعاملين بقطاع الصحافة والإعلام، للمساهمة في تطوير البيئة العملية لخدمة مشاركة الصحافيات في صناعة القرار، ودعمهن للوصول الى مراكز القرار و المسؤولية داخل المؤسسات الإعلامية وحماية حقوقهن دون تجاهلها.
إذ نجزم بأن هذه التوصيات تشكل أداة مساعدة لدعم وصول الصحافيات لمناصب المسؤولية سواء على مستوى قسم التحرير او الإدارة العامة للمؤسسات الإعلامية و كذلك حماية جميع حقوقهن وعدم تجاهلها و إدماج حضانات داخل المؤسسات الإعلامية، ومراعات خصوصية الصحافيات خلال أيام الدورة الشهرية، وتمتيعهن بأيام عطلة أكثر من الرجل، وتمكين الصحافيات من التكوينات في الصحافة الجديدة، وفي كيفية حماية أنفسهن داخل المؤسسات الإعلامية، واقتراب مقاربة النوع في الاستفادة من التكوينات الموجهة لصالح الصحافيين باسم المؤسسة الإعلامية او تقلد مناصب المسؤولية داخلها، و كذلك تأسيس هيئات مهنية للصحافيات من أجل الترافع بشأن المرأة الصحفية فضلا عن تشكيل إطار مهني يجمع الصحافيات من أجل الترافع لدى صناع القرار، وسن قوانين لحماية حقوق الصحافيات وتمتيعهن بحقوقهم وتحسين ظروف عملهم و الاهتمام بالكفاءات والمؤهل العلمي، وإنشاء منصة تفاعلية للتبليغ عن المتحرشين مع اخفاء المعلومات اتجاه الصحافيات، وتكافئ الفرص في ما يعرض داخل المؤسسات الاعلامية، وعقد شراكة مع أخصائيين لتمكينهم من المواكبة النفسية.
إن المقصود من النوع الاجتماعي من خلال هذه الورقة السياسية ليس إطلاق يد المرأة في مواجهة الرجل، وإنما إعطاء المرأة حقوقها كاملة تماما مثل الرجل وتبادل الأدوار الوظيفية للرجل و المرأة في قطاعات العمل المختلفة داخل قطاع الصحافة والإعلام، وفق الكفاءة والإجادة، فالعلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع المغربي وداخل الأسرة تقوم على أساس التكامل بين أدوارهما و هو ما يسمى التكامل الوظيفي وهذا ما نسعى إليه.
7 تعليقات
ورقة سياسية رائعة و عنوان مثير للقراءة، سلمت يداك
رائع
مقال في المستوى، يجب على الجهات المسؤولة أن تعيد النظر في نصوص القوانين من أجل حماية الصحافيات داخل المؤسسات الصحفية
بلا مايك بو عليك نقول لك الصراحة. سمح لي المقال ركيك لغويا، الصحفيات كررتها سبعين مرة، بزاف ملاحظات مهم نص غير متماسك حاول الاهتمام باللغة العربية و اقرأ كثيرا في الأدب.
هو متخصص في اقتصاد المقاولة و متخصص في المقاولة الإجتماعية و ليس متخصص في الأدب والفلسفة، فكل ومجاله إذا كانت هناك أخطاء سأرسل لك رقمه و تواصلي معه ، وسيقوم بإصلاحها، فهو انسان التواصل و أضن ان ما كتبه لن يستطيع انسان أن يكتبه هو يعترف انه ليس متخصص في الأدب و نحن فخورون به في جريدة أروى بريس بمثله ، ذو أخلاق عالية و صرامة و لا يحب من يتنمر عليه، فمن خلال ما كتبته بأسم مستعار دليل على الحقدو الحسد ونشر الكراهية، ما هكذا تقدم النصيحة
شكرا جزيلا لك مولاي غرايبة
Thank you very much for sharing, I learned a lot from your article. Very cool. Thanks. nimabi