بقلم كايتلين وارين
تتناول هذه المقالة حياة وعمل جيمي فيكو، متطوعة بهيئة السلام التي أدت جهودها الدؤوبة وشغفها بالتنمية المستدامة إلى تحقيق تأثير كبير في العديد من المجتمعات في جنوب المغرب.
كانت حياة جيمي فيكو مثالًا للهدف والتعاطف والإصرار، حيث جسدت نموذجًا لمن وجد شغفه الحقيقي وسعى وراءه بكل جوارحه. رحلت عن عالمنا بشكل مفاجئ في 5 نوفمبر 2024، تاركة خلفها والديها وأختها وشبكة واسعة من الأصدقاء والزملاء الذين خلقت معهم روابط وثيقة عبر حياتها وعملها.
نشأت جيمي فيكو في مدينة ريستون بولاية فيرجينيا، حيث بدأ حبها للمغامرة في وقت مبكر واستمر بالنمو مع تقدمها في العمر. أثرت هذه الروح في اختيارها للتخصص في دراسات الشرق الأوسط والدراسات العالمية: الأمن والعدالة في جامعة فيرجينيا. ساعدتها تجربتها الجامعية، التي عززتها رغبتها في مواجهة التحديات العالمية، في التحضير لمسيرة مهنية مؤثرة في مجال التنمية الدولية.
كانت خدمتها مع هيئة السلام في تيغومار، وهي قرية صغيرة في وادي درعة بالمغرب، لحظة حاسمة في حياتها. غاصت في المجتمع المحلي، حيث عملت على تمكين الشباب المحليين وزادت من معرفتها باللغات والتقاليد المحلية. وعلى الرغم من أن تجربتها انتهت بشكل مفاجئ بسبب الجائحة، إلا أن جيمي حافظت على ارتباط عميق بالمنطقة وأهلها، وهو ارتباط ظل يرافقها طوال حياتها.
تابعت جيمي دراستها للحصول على درجة الماجستير في الجغرافيا من جامعة سيراكيوز، حيث ركزت على ندرة المياه والزراعة المستدامة في وادي درعة بالمغرب. سلط بحثها الأكاديمي الضوء على التحديات المتداخلة التي يواجهها المزارعون في ظل السياسات المائية المتغيرة والتغيرات البيئية.
ظل ارتباط جيمي بالمغرب قويًا، فعادت في النهاية إلى البلاد كباحثة ضمن برنامج فولبرايت لتبني على عملها في الدراسات العليا. وثقت الممارسات التقليدية لحفظ البذور، وقامت بفهرسة أصناف المحاصيل المحلية، وتعاونت مع التعاونيات النسائية والمنظمات الفلاحية. شاركت نتائجها عبر المجتمعات بهدف التأكيد على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي والزراعي في مواجهة التحديات الحديثة.
لم تكتفِ جيمي بإحداث تأثير ملموس في المجتمعات التي عملت معها، بل ساهمت أيضًا في توسيع المعرفة المتعلقة بقضايا الاستدامة من خلال العديد من منشوراتها. في مقال بعنوان “حيث لم تعد قطعاننا تتجول” تناولت الانتقال الذي شهدته ساكنة منطقة الميسوفة في جنوب المغرب من الرعي إلى الزراعة، مسلطة الضوء على دور زراعة البطيخ كمصدر للرزق وأيضًا كسبب للتحديات البيئية والاجتماعية. دعت جيمي إلى إيلاء قيمة أكبر للمعرفة البيئية المحلية وتبني ممارسات زراعية مستدامة ومتنوعة.
وفي منشور آخر بعنوان “حدود الثروة: تعبئة الأرض والمياه والهوية الجماعية لإنتاج البطيخ في جنوب شرق المغرب”، استعرضت أثر زراعة البطيخ، مستندة إلى مقابلاتها مع المزارعين والسكان المحليين بين 2021 و2023. رغم الجهود لتعزيز النمو الزراعي، أوضحت جيمي أن زراعة البطيخ عمقت الفجوات الاقتصادية والجندرية داخل المجتمعات، مستفيدة بشكل رئيسي من قلة من المزارعين الذين يملكون رأس المال. كان التصدي لهذه القضية الحرجة المتعلقة بتناقص الموارد المحلية من الأرض والمياه محورًا رئيسيًا في عملها.
يعكس البحث المكثف الذي أجرته جيمي خلال فترة قصيرة إصرارها وأخلاقيات العمل العالية التي تبنتها لمعالجة القضايا التي كانت تهمها بشدة. كما تعكس العلاقات العميقة التي بنتها مع المجتمعات التي عملت فيها شخصيتها المتعاطفة والمهتمة بالآخرين.
بالنسبة لنا في مؤسسة الأطلس الكبير، المؤسسة التي أسسها متطوعون سابقون بهيئة السلام، تمثل جيمي نموذجًا مثاليًا للتغيير التنموي، حيث كانت تهتم بتمكين المجتمعات أولاً وقبل كل شيء، وتؤمن بأن الحلول يجب أن تكون من تصميم وتنفيذ المجتمعات نفسها.سواء من خلال تعاونها مع المزارعين المغاربة أو دعمها صوت التعاونيات النسوية جسدت جيمي الالتزام بالحلول التي تحقق تغييرًا مستدامًا.
أطلقت عائلة فيكو بالتعاون مع مؤسسة الأطلس الكبير مشروعًا لإنشاء بنية تحتية للمياه وزراعة الأشجار لتكريم إرث جيمي. يعكس هذا المشروع رؤيتها لمستقبل مستدام وعادل. تظهر لنا حياتها أن كل جهد، سواء بزراعة شجرة أو الحفاظ على المياه أو تمكين الأشخاص يمتلك القدرة على تغيير حياة وأراضي الأجيال القادمة. كايتلين وارين طالبة في جامعة نورث إيسترن في بوسطن، الولايات المتحدة الأمريكية، وتعمل حاليًا متطوعة بمؤسسة الأطلس الكبير في المغرب.
تعليق واحد
I quite like reading a post that wiol make
pople think. Also, tthank you for allosing mme tto comment!