عبدالعزيز سارت -بروكسل
“و بشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون”
في نعي المشمول بعفو الله سي محمد بوقنطار نبل النضال و شرف الالتزام.
بقلوب يعتصرها الحزن والأسى، و بنفوس مطمئنة راضية بقضاء الله وقدره، تلقّينا نبأ وفاة الصديق العزيز والمناضل الشهم و ، الذي كرس حياته دفاعًا عن مبادئ العدالة والحرية وحقوق الإنسان و الانتقال الديمقراطي بالمغرب، في صفوف الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ثم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و الخيار الثوري و الحزب الاشتراكي البلجيكي و داخل النقابة الاشتراكية ببلجيكا و بانخراطه في كل جبهات الحركة الحقوقية البلجيكية و المغربية و الأوروبية٠
لقد وقف المشمول بعفو الله دائمًا في صف المهاجرين واللاجئين رافعًا صوته من أجل الكرامة الإنسانية و قيم العدالة الاجتماعية و المساوات. و عرف فقيدنا العزيز بحضوره القوي في كل المعارك السياسية و الحقوقية ضد الأفكار العنصرية التي يروج لها اليمين المتطرف، و المشاركة في المظاهرات و الحملات و الوقفات الاحتجاجية لمناهضة الاسلاموفوبيا و الأفكار العنصرية الموجهة ضد الأجانب و المهاجرين٠
ويتذكر الكثير من مغاربة بلجيكا وقوف هذا الرجل المعطاء إلى جانب الكثير من أبناء جاليتنا من أجل تسوية وضعيتهم القانونية و الحصول على فرصة عمل أو سكن و مدهم بالمشورة القانونية لتحسين أوضاعهم الاجتماعية و الحصول على حقوقهم دون إقصاء أو تمييز، طيلة السنوات التي ترأس فيها المجلس الاستشاري للمهاجرين ببروكسل و بعدها٠
لقد كان الراحل المشمول بعفو الله واحدًا من أصوات الممانعة و المعارضة الحرة التي انتمت بكل إخلاص إلى صفوف الحركة الحقوقية بالمغرب، وظل وفيًا لقضاياها، خاصة قضايا المعتقلين السياسيين وضحايا التعذيب و الاختفاء القسري بالمغرب، فدافع عنهم بكل ما يملك من قوة، وساهم بفعالية في إيصال أصواتهم إلى المحافل الدولية و الرأي العام الدولي يوم كان الدفاع عن حقوق الانسان في المغرب و التضامن مع المعتقلين السياسيين يؤدى عنه بالسجن و التعذيب و الإختفاء القسري و أحكام المؤبد و الإعدام٠
برحيلك أيها الفقيد العزيز ، نفقد ضميرًا حيًا وإنسانًا نادرًا جمع بين الالتزام الأخلاقي والشجاعة السياسية، و قيدوم جيل من المناضلين اليساريين التقدميين الذين ضحوا بالغالي و النفيس و مثالًا في النضال الديمقراطي والتضامن الإنساني. سنفتقد حضورك، وغضبك و انفعالك من أجل الحق، وإيمانك العميق بعدالة القضايا التي دافعت عنها حتى آخر لحظة في حياتك٠
ننعيك اليوم، و نستحضر بدموع حرى، مسيرتك و مشوارك و خطاك على درب النضال الذي أفنيت فيه عمرك و انخراطك في كل الجبهات النضالية و التعبير عن تضامنك مع كل المرابطين في سبيل الحرية و التحرر و الكرامة في إفريقيا من أجل استقلال الموزمبيق و أنگولا و ضد ديكتاتورية بينوشيه بالشيلي و فيديلا بالارحنتين و مساندة كفاح الشعب الفيتنامي و مناهضة الابرتايد و مناصرة نيلسون منديلا في كفاحه من أجل التحرير و الحرية و مواقفك الثابتة إلى جانب كفاح الشعب الفلسطيني الشقيق و نضالك المستميت من أجل الصحراء المغربية٠
تغادرنا سي محمد بوقنطار، انت المناضل اليساري التقدمي الأصيل، في لحظة تنكر فيها كثير ممن يدعون، زورا و بهتانا الانتماء إلى اليسار ، إلى قيمهم ومبادئهم و أداروا ظهورهم لكل ما يتعىق بقضايا الشعب من عيش كريم و مدرسة عمومية و صحة عمومية و عدالة اجتماعية و النهوض بأوضاع المحرومين و المهمشين من أبناء شعبنا. و أصبح من العيب، لذى هذه الشرذمة، من اليسار، باستثناء البعض ممن رحم ربك من القابضين على الجمر و العاضين على الحديد، ذكر الفقر و التهميش و البؤس الاجتماعي.
تغادرنا سي محمد بوقنطار، و قد أنزلتنا الحكومات المغربية المتعاقبة منزلة الإقصاء و التهميش ، و طردتنا من حضيرة الوطن و المواطنة بمنعنا من حقنا في المشاركة السياسية و التمثيل في البرلمان عكس ما تفعل جل الدول مع جالياتها المهاجرة دون أدنى عائق.
تغادرنا سي محمد بوقنطار، و قد سلطت علينا الدولة المغربية مجلسا للجالية يفترس ميزانية هائلة على حسابنا، دون حسيب او رقيب، هدفه الوحيد معارضة و نسف حقوقنا الدستورية و مراوغة القرارات و المبادرات الملكية بشأن مغاربة العالم٠
تغادرنا سي محمد بوقنطار، وكلنا امل في مستقبل تتوحد فيه مساعي و صفوف مغاربة العالم بعد ان تكون قد قامت بنقد ذاتي جريء و بطرد الفاسدين و عفنة القوم من الزعامات و العنتريات الفيسبوكية و سماسرة النضالات المزعومة البئيسة.
تذكري يا شبيبة الشتات هذا الرجل، و هو اليوم بجوار ربه و الذي أعطى الكثبر في خدمة جاليتنا، و اذكري بخير مناقبه وما له من صفحات بيضاء ستضل ناصعة مضيئة في تاريخ جاليتنا حين يكتبه مؤرخون من ابناء الجالية و النزهاء من مؤرخي المغرب لا كما يكتبه مؤرخو مجلس الجالية و حواريو رئاسته و كتابته العامة.
رحمك الله سي محمد بوقنطار، و أنت في ذمته، برحمته الواسعة، و تقبلك قبولا حسنا بما يتقبل به عباده الأصفياء، و أكرم مثواك بالفردوس الأعلى و أنزلك منزلة النبيىين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا.
و للعائلة الكريمة و جميع رفاق نضال و أصدقاء المشمول بعفو الله أصدق عبارات التعازي و المواساة، و ألهمنا الله جميعا جميل الصبر و السلوان و حسن العزاء.
و السلام عليك سي محمد بوقنطار، يوم ولدت و يوم التحقت بربك و يوم تبعث حيا.
“يا أيها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية و أدخلي في عبادي و ادخلي جنتي”
بروكسل، 11 ماي 2025
عبدالعزيز سارت
4 تعليقات
I appreciate you sharing this blog post. Thanks Again. Cool.
I’m often to blogging and i really appreciate your content. The article has actually peaks my interest. I’m going to bookmark your web site and maintain checking for brand spanking new information.
Very well presented. Every quote was awesome and thanks for sharing the content. Keep sharing and keep motivating others.
For the reason that the admin of this site is working, no uncertainty very quickly it will be renowned, due to its quality contents.