مع الكم الهائل من الأخبار التي تصلنا بشأن استمرار وباء فيروس كورونا المستجد “سارس كوف 2” المسبب لمرض “كوفيد-19″، تظهر أخبار جيدة عن تراجع التفشي في عدة أماكن من العالم، مع إعلان الصين الانتصار على المرض.
وقال تقرير في صحيفة “ليزيكو” الفرنسية إن جائحة كورونا بدأت بالتلاشي في كل أنحاء العالم تقريبا وإن لم تقع هناك قفزة غير عادية، فإنه من المتوقع أن يشهد عدد الإصابات ركودا تاما في غضون شهر واحد.
نبدأ مع تباطؤ المعدل اليومي لوفيات كورونا في فرنسا، إذ سجلت السلطات الصحية الفرنسية 83 وفاة جديدة بفيروس كورونا الخميس بزيادة 0.3% ليرتفع إجمالي الوفيات في المستشفيات ودور الرعاية إلى 28215. وكانت نسبة الزيادة الأربعاء 0.4%.
وتراجع عدد مرضى كوفيد-19 الذين يعالجون في وحدات العناية الفائقة إلى 1745 مقارنة مع 1794 في اليوم السابق. وبلغ إجمالي المصابين بكوفيد-19 الذين نقلوا للمستشفى 17583 بانخفاض 358 عن العدد المسجل في الـ 24 ساعة السابقة.
أما في إيطاليا فسُجّل استقرار كبير في عدد الوفيات والإصابات الجديدة بفيروس كورونا، إذ قالت وكالة الحماية المدنية إن البلاد سجلت 156 حالة وفاة جديدة ناجمة عن مرض كوفيد-19 الخميس مقابل 161 حالة في اليوم السابق، بينما تراجع العدد اليومي لحالات الإصابة الجديدة قليلا إلى 642 من 665 في اليوم السابق عليه.
وتراجع عدد الأشخاص المسجلين على أنهم حاملون للمرض إلى 60960 من 62752 في اليوم السابق. وسجل يوم الخميس رقود 640 مريضا في وحدات العناية المركزة، منخفضا من 676 يوم الأربعاء، في تراجع مستمر منذ فترة. كما بلغ عدد المتعافين من الفيروس 134560 مقابل 132282 في اليوم السابق.
وفي إسبانيا، قالت وزارة الصحة الخميس إنها سجلت 48 وفاة بفيروس كورونا المستجد ليتراجع بذلك معدل الوفيات اليومية لأقل من 50 لأول مرة منذ 16 مارس/آذار.
وفي اليابان، أعلن رئيس الوزراء شينزو آبي الخميس رفع حال الطوارئ المفروضة منذ مطلع أبريل/نيسان لمكافحة تفشي فيروس كورونا عن ثلاث مناطق في غرب البلاد.
وألمح آبي إلى أنه سيتخذ إجراءات مماثلة الأسبوع المقبل في طوكيو والمناطق المجاورة لها، بالإضافة إلى جزيرة هوكايدو الشمالية، وهي آخر المناطق التي سيشملها الإجراء.
وفي الصين، أعلنت البلاد انتصارها على فيروس كورونا، إذ أعلن رئيس الوزراء الصيني لي كي تشيانغ لدى افتتاح جلسة الجمعية الوطنية الشعبية السنوية اليوم الجمعة، “حققنا نجاحا إستراتيجيا كبيرا في معالجتنا لأزمة كوفيد-19”.
وأمام ثلاثة آلاف نائب يضعون الكمامات، أشار رئيس الوزراء إلى أنه لا تزال هناك “مهمة هائلة” يجب إنجازها في مواجهة تداعيات الفيروس على الاقتصاد الصيني الذي سجل انكماشا في الفصل الأول من العام، وهو أمر غير مسبوق.
جائحة كورونا بدأت في التلاشي
وقال الكاتب إيف بورديون، في تقريره الذي نشرته صحيفة “ليزيكو” الفرنسية، إن عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد انخفض خلال الأيام الأخيرة في مختلف أنحاء العالم، إذ لم يتجاوز 1.2% من العدد الإجمالي للمصابين على مستوى العالم، الذي تخطى العتبة الرمزية بتسجيل خمسة ملايين حالة مؤكدة رسمية.
وانعكس ذلك على تخفيف الضغط في أقسام الطوارئ التي كانت تعاني من الاكتظاظ. وفي حال لم ينتكس الوضع مجددا، فإنه من المرجح أن يشهد عدد الإصابات ركودا تاما في غضون شهر واحد.
وأشار الكاتب إلى تزايد التوقعات بشأن قرب نهاية الجائحة، فوفقا لبيانات موقعي جامعة جونز هوبكنز ومنصة وورلد ميتر، انخفضت حالات الإصابة الجديدة بالالتهاب الرئوي اللانموذجي المرتبط بكوفيد-19 وتراجع عدد الوفيات إلى 0.5%.
تسطيح المنحنى في أوروبا
وأورد الكاتب أن هذه النتائج يشوبها بعض التضارب وذلك على خلفية إعلان منظمة الصحة العالمية يوم الأربعاء الماضي عن تسجيل عدد قياسي من الحالات على مدار 24 ساعة. ويعزى ذلك إلى اجتياح الفيروس لكل من روسيا والبرازيل والسعودية والولايات المتحدة.
وأوضح أن معدل الإصابات المسجل على مدى الخمسة أيام الماضية كان أقل من 2% من مجمل الإصابات السابقة في 25 بلدا، باستثناء البرازيل التي حققت زيادة بنسبة 5%، وباكستان والسعودية والمكسيك بنسبة 4%، والهند وروسيا بنسبة 3%. لكن العدد الرسمي للحالات المؤكدة يعتبر ضئيلا مقارنة بإجمالي عدد السكان في تلك البلدان.
وفي البلدان الغربية التي تعد الأكثر تضررا، جاءت الزيادة اليومية في عدد الحالات كالتالي: 1.2% في الولايات المتحدة، و0.3% في ألمانيا، و0.25% في كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
وفي سويسرا، منذ مطلع شهر مايو/أيار، لم يتجاوز معدل الإصابات 0.05% فقط في اليوم الواحد، أما في بلجيكا فكانت النسبة 0.6% وفي المملكة المتحدة 1.2%.
ولكن الكاتب رجح إمكانية أن يتجاوز العدد الفعلي للإصابات الإحصاءات الرسمية المصرح بها في أي مكان بالعالم، وذلك نظرا لغياب الاختبارات المكثفة في جل البلدان. لكن لا وجود لدليل ملموس يثبت التفاوت الكبير بين الإحصاءات الرسمية وعدد الإصابات الفعلي.
أقسام الطوارئ
يتركز ثلثا عدد الوفيات في الدول الغربية، لكن النسبة ترتفع ببطء شديد رغم الذروات الملحوظة في بعض البلدان، على غرار تسجيل الولايات المتحدة يوم الثلاثاء والأربعاء الماضيين أكثر من 1500 حالة وفاة.
وسجلت فرنسا ارتفاعا في عدد الوفيات بنسبة 0.5% فقط على مدى الأيام العشرة الماضية، حيث لم يتجاوز المعدل مئة حالة وفاة يوميا. وفي إسبانيا، كما هو الوضع في جميع بلدان الاتحاد الأوروبي باستثناء إيطاليا، يقتل الفيروس يوميا عشرات الأشخاص. أما سويسرا، فلم تسجل سوى حالة وفاة واحدة منذ 10 مايو/أيار.
وأشار الكاتب إلى أن عدد الوافدين على أقسام الطوارئ ومرضى الإنعاش في مختلف دول العالم قد تراجع، إذ عرفت النظم الصحية انتعاشة مقارنة بذروة الأزمة في النصف الثاني من مارس/آذار، وقامت عدة بلدان بتفكيك المستشفيات الميدانية.
وأضاف أنه من المتوقع أن ينخفض التدفق اليومي لحالات الإصابة والوفيات إلى الصفر تقريبا في غضون شهر من الآن، إلا في حال تفاقم الوضع جراء التخفيف تدريجيا من إجراءات الإغلاق. لكن حتى الآن، لا وجود لبوادر انتكاس رغم بعض التجاوزات المقلقة.
كما يعد الوضع مطمئنا في البلدان التي كانت سباقة إلى إنهاء الإغلاق الكامل في منتصف أبريل/نيسان، على غرار الدانمارك والنمسا والنرويج، حتى أن سلوفينيا أعلنت رسميا انتهاء الوباء قبل ثمانية أيام من الآن.
تراجع يشوبه الغموض
وتساءل الكاتب عن سبب تراجع الإصابات في هذا الوقت بالذات، خاصة أن علماء الأوبئة لا يجدون تفسيرا مقنعا. وقد يعود ذلك إلى قدرة الإغلاق التام على إبطاء نسق العدوى، حيث لم يتجاوز معدل الإصابات 20% يوميا منذ فرض الإغلاق في معظم بلدان العالم في منتصف مارس/آذار.
وقال الكاتب إنه لم تسجل أي حالات جديدة تقريبا في البلدان التي فرضت قيودا طفيفة، أو حتى التي لم تعتمد الإغلاق ولجأت إلى وسائل أخرى مثل إجراء الاختبارات الشاملة وفرض التباعد الاجتماعي على غرار السويد، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وفيتنام وغيرها.
كذلك انخفضت الحالات في البلدان التي اكتفت بفرض حظر التجول وإقامة حجر صحي على المدن التي سجلت فيها بؤر وبائية على غرار معظم دول أفريقيا وآسيا التي لم يعد الفيروس منتشرا فيها بشكل كبير.
وفي الولايات المتحدة، لا يختلف وضع الولايات الخمس التي رفضت تدابير الإغلاق عن الوضع في بقية الولايات الأخرى.
وأفاد الكاتب بأنه لا وجود لعلاج معجزة يمكن أن يفسر سبب تقلص انتشار الفيروس نظرا لأن البلدان تبنت إستراتيجيات مختلفة، ومن بينها اعتماد الكلوروكين الذي كان له تأثير علاجي لا وقائي، وبالتالي لم يكن له أي تأثير على العدوى.
الصورة ليست وردية
ومع ذلك فإن الأخبار ليست جيدة من كل مكان، وقد يكون رأي الكاتب الفرنسي متفائلا جدا أو غير واقعي، فمثلا أعلنت روسيا اليوم الجمعة عن عدد وفيات قياسي خلال يوم واحد بلغ 150، وأعلنت السلطات أنها تترقب ارتفاعا لعدد الوفيات جراء كوفيد-19 في مايو/أيار.
وفي البرازيل، بحسب الأرقام الرسمية، تضاعف عدد الوفيات خلال 11 يوما فقط ليتجاوز العشرين ألفا الخميس.
ويودي كوفيد-19 بعدد أكبر في البرازيل التي يبلغ تعداد سكانها 210 ملايين نسمة، مقارنة بالدول الأخرى، وبحسب الإحصاءات الرسمية، تبلغ أعمار 69% من ضحايا الوباء في البرازيل 60 عاما أو أكثر، مقارنة بـ95% في إسبانيا وإيطاليا.
ويشير عالم الأوبئة في جامعة برازيليا ماورو سانشيز في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية إلى أنه “بما أن لدى البرازيل تركيبة سكانية أكثر شبابا، فمن الطبيعي أن يكون عدد الإصابات أكبر في أوساط من هم دون الستين. لكن يعود الأمر كذلك إلى أن الشباب أقل التزاما بإجراءات العزل المنزلي
“.المصدر : الفرنسية + ليزيكو + وكالات + وكالة الأناضول