يونس لقطارني- أروى بريس
يبدو أنّ الرياح لا تجري دائماً بما تشتهيه سفن السياسة والسياسيين. فبعد أقل من تسعة أشهر على ذهاب حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي خرج من الحكومة مذموما مدحور منهزماً حقيرا مدلولا ، وبعد أقل من تسعة أشهر على تنصيب حكومة جديدة، بلا نكهة سياسية حقيقية،حكومة هجينة من أحزاب بلا قواعد شعبية حقيقية، ووزراء أغلبهم تكنوقراط، أو وافدون على العمل السياسي من منطق الريع والبحث عن الاستفادة وتحقيق المصالح، ورئيس حكومة ضعيف، ويفتقد إلى المؤهلات التواصلية القادرة على جعل خطابه مقنعا. أسرف في الوعود المفرطة في التفاؤل خلال حملته الانتخابية، قبل أن يصطدم مع الواقع، ويصدر قانون مالية خالياً من كلّ الوعود الكاذبة التي حملها برنامجه الانتخابي. وفي المقابل، خفّض الضرائب على أرباح الشركات الكبيرة، ومنها شركات مملوكة له، وسَحب مشروع قانونٍ يُجرِّم الإثراء غير المشروع لموظفي الخدمة المدنية والمسؤولين والمنتخبين من البرلمان، وهو ما شكّل صدمةً لبسطاء كثيرين اعتقدوا، بسذاجة، أنّ الحكومة، خصوصاً رئيسها الذي باعهم الوهم، قادرة على إنقاذهم من عمق الجبّ الذي يوجدون فيه. تجد نفسها اليوم أمام وضع غير مستقرٍّ، تطبعه علامات الهشاشة وحالات الاضطرابات المتكرّرة، تعبّر عنها حالات الاحتقان الاجتماعي الخطير وربما غير مسبوق ذلك الذي يعيشه المغرب طيلة الأسابيع والأشهر الأخيرة وهو ما ظهر جليا من خلال المطالبة برحيل رئيس الحكومة.
و المثير للقلق في كل هذا ليس هو الاحتقان في حد ذاته، بل في البرود الحكومي المطلق والسلبية التامة التي يتم التعامل بها مع الموضوع، إذ أن استصغار أمر كهذا يمكن أن يوصل المغرب لا قدر الله إلى ما لا تحمد عقباه.
ففي الوقت الذي كنا ننتظر فيه اجتماعات حكومية طارئة واستقالات بالجملة واتخاذ إجراءات استعجالية وذات أثر يلمسه المواطن البسيط في حياته اليومية، نجد أن الأغلبية الحكومية بجل أطيافها دخلت في صراعات سياسوية ضيقة، الهدف منها توجيه ضربات تحت الحزام لبعضها البعض في حملة انتخابية سابقة لأوانها، غير مبالين بالخطر الذي بات يشكله اليأس الشبابي.
فعلى الحكومة وكل مكونات المشهد السياسي المغربي أن يعوا جيدا أننا الآن أمام مفترق طرق خطير، يتطلب تدبيرا عاجلا وفعالا يكون قادرا على امتصاص هذا الاحتقان خاصة في صفوف الشباب والطبقة الكادحة، تدبيرا كفيلا بإعادة الأمل في غد مشرق إلى هؤلاء ، بعيدا عن المزايدات السياسية القذرة التي قد تقود بلادنا إلى الهاوية.