بقلم صلاح الدين المساوي
تحت شعار”التربية الإيمانية والحضور الفاعل في المجتمع” نظمت فدرالية المساجد كاستيا لا منشا مدريد comecam مؤتمرها الثاني، وذلك خلال أيام 6,7,8,9 من الشهر الجاري أبريل 2023 بالمركز الإسلامي السلام طولدو.
من مميزات هذا المؤتمر أنه تم انعقاده في زمن فاضل من شهر رمضان المبارك،حيث النفحات الإيمانية التي تغمر قلوب المسلمين ، مسرورين بنور القرآن و مستبشرين بغد أفضل تنجمع فيه هموم الصادقين لتتوحد على كلمة سواء.
وفي هذا السياق الزماني النوراني الذي يشحذ الهمم العالية لتحمل مشعل الأمة المسلمة، والتهمم بقضايا الإنسانية عموما ، تم افتتاح أشغال المؤتمر بمحطة تربوية ،تعكس جوهر الرسالة التي تحملها الفدرالية لتبليغ كلمة الإسلام عبر منابر المساجد، والمشاركة الميدانية مع الآخرين من بني الإنسان، إنه اعتكاف قرآني تم فيه التفرغ المطلق لصحبة كتاب الله تعالى تلاوة واستماعا وحفظا ومدارسة ، وهذا ما ساعد الحاضرين من النساء والرجال على الترقي في مدارج الفهم ،والتعامل مع رسالة سماوية، تسعى إلى تحرير الإنسان، ليكون صالحا لبناء العمران الأخوي، كما كان موضوع الطفولة والشباب حاضرا وباهتمام بالغ، حيث قدمت لجنة الطفولة عملا فنيا مبدعا إحتضنت فيه أطفالا وزهرات لتعليمهم المبادئ الأساسية لديننا الحنيف، في جو من المرح والتسلية وأعمال يدوية تعبر عن مكنونات الانسان الطفل. أما الشباب فبحكم حجم مسؤوليتهم وضخامة أسئلتهم الفكرية و الوجدانية و الوجودية فقد تم تكريمهم بمحاضرة خاصة من إلقاء أستاذ يونس القوارطي ( مؤطر تربوي ومهتم بالشأن الشبابي في إسبانيا) ، عرفت المحاضرة نجاحا شبابيا كبيرا حضورا ومشاركة.
وكان مسك الختام ، مع محاضرة علمية من تأطير الدكتور أحمد الفراك ؛-أستاذ الفلسفة والفكر والحضارة بالجامعة المغربية، و صاحب القلم الغزير والمتميز في الميدان -، تحت عنوان ” منظومة الرفق في الإسلام: القواعد والامتدادات”
أضواء على المحاضرة:
من أهم ما ميّز حديث الدكتور الفيلسوف أحمد الفراك هو قدرته على التواصل مع المستمع بأسلوب سهل و سلس يفهمه الجميع، دون الدخول في متاهة التعقيد اللغوي والتكوثر اللساني ،وهذا من كمال الحكمة والفطنة مراعة لمقام الخطاب.
ومما جاء على لسانه:
-“من أوتي الرفق أوتي الخير كله،ومن حرم الرفق حرم الخير كله.” الحديث.
-الرفق مفهوم وليس كمصطلح، له عائلة مفاهمية(اللين،السماحة،الصفح،العفو، التؤدة…).
-الرفق هو ترفق ومرافقة.
-الرفق مشاركة لا معاركة.
-الرفق حضور إيجابي ،(تتميم لمكارم الأخلاق،واعتراف بفضل الآخر.)
-الرفق خيار استراتيجي لا تكتيكي اضطراري.
“-الرفق رأس الحكمة” عروة بن الزبير.
-الرفق ليس انسحابا، بل أن تضع القوة والشدة في محلها، واللين في موضعه.
-الرفق قدوة ، “والقدوة وحدها هي علم الحياة” مصطفى صادق الرافعي.
كان هذا بعض من قطوف أطايب الكلام، و كان من أجمل ما أتحف به الحاضرين وشدّ انتباههم إليه ؛حديث الدكتور عن محمد إقبال كنموذج في الرفق الفكري والفلسفي والأدبي ، حيث ضرب به المثل في حبه الشديد للفيلسوف الألماني نيتشيه الذي شكل ثورة على الدين عموما، لكنه كان يكن حبا شديدا لثقافة لإسلام ومظاهره،قال في حقه المفكر الكبير محمد إقبال “لو أدركت نيتشيه لأخذت بيده” فيا ترى أي رفق هذا! ..وأي قلب هذا الذي يسع الجميع !…
إنها الحكمة يا سادة ،مقتبسة من مشكاة النبوة !
وفي الأخير إختتم المؤتمر بعقد جمع عام لتجديد المكتب المسير للفدرالية في جو من الود والانضباط مع المشاركة القوية والمسؤولة من طرف الحاضرين، أسفر على تجديد الثقة في رئيس الفدرالية بإجماع ،ليستأنف العمل بروح إيمانية فاعلة في الميدان، مع ثلة من العاملين نساء ورجالا.
طوليدو 10/أبريل 2023.