يونس لقطارني
الشباب المغربي “ثروة الوطن الضائعة “، نراهم في الشوارع والمدارس والجامعات وعلى الأرصفة و الطرقات كأنهم بقايا أحلام ضائعة لم تُكتمل. جيلٌ يحمل على ظهره تركة من الأزمات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسات الفاشلة، لكنه رغم كل ذلك يقف شامخًا، يصر على الأمل، ويبحث عن معنى وجوده في وطن لم يمنحه دائمًا ما يستحق.
الشباب المغربي اليوم ليس جيلًا ساذجًا، ولا عابرًا في زمنه، بل هو جيل واعٍ، نقدي، يعرف حجم التحديات التي يواجهها، ويعرف أيضًا أن التغيير لا يُهدى… بل يُنتزع بوعي، وبنَفَس طويل، وبإرادة صلبة. لكن السؤال الأكثر إلحاحًا: هل تملك الدولة مؤسسات تستطيع أن تكون حاضنة حقيقية لهؤلاء الشباب؟ أم أن الأمر سيبقى مجرد شعارات فضفاضة تُردد في المؤتمرات والاحتفالات و المهرجانات ؟
تحديات عميقة في الواقع الشبابي
بطالة تحاصر الأحلام بنسبة خيالية % 39.5 :
كيف يمكن أن نحلم بجيل يبتكر، وهو غارق في انتظار فرصة عمل قد لا تأتي؟ البطالة لم تعد رقمًا اقتصاديًا فحسب، بل تحولت إلى أزمة نفسية واجتماعية تهدد القيم الاخلاقية لدى الشباب.
محدودية المشاركة السياسية:
الشباب يراقبون المشهد السياسي وكأنهم غرباء. يشعرون أن دورهم محصور في دور المتفرج، لا الفاعل، وكأن القرار محجوز لفئة قليلة بعيدة عن نبضهم وأحلامهم ورغم المحاولات المؤسسية لاشراكهم بذلك مازال دورهم غائب لأن من يصنع الأثر ويبني الفكرة هو من الشباب نفسه.
مركزية العاصمة وتهميش القرى و البوادي :
في الأحياء الفقيرة، وفي دواوير المغرب العميق، ينتصب سؤال العدالة المجالية مثل طعنة في خاصرة التنمية. هناك، حيث تغيب المراكز الثقافية، وتُغلق دور الشباب أو تتحول إلى بنايات مهجورة، ينشأ شباب في عزلة كاملة عن الدولة، في إنتظار فرصة للهجرة، أو بصيص أمل يُعيد إليهم الثقة في المستقبل.
شباب المغرب المنسي يشعرون أنهم خارج التغطية خارج معادلة التنمية، وكأن التنمية مشروع في الرباط العاصمة، بينما الجهات الأخرى تقتات على فتات الفتات .
غياب برامج مواكبة للعصر:
نحن نتحدث عن جيل رقمي، يسابق العالم بفكره وابتكاره، بينما البرامج المطروحة تقليدية لا تلبي حاجته ولا تستفز قدراته مازالت هناك مدارس وجامعات لا تتوفر على التكنولوجيا الحديثة .
إقصاء الخبرات الدولية:
أغلب الشباب المعربي لا يعرف شيئًا عن المنح الدولية، أو فرص تبادل الخبرات الإقليمية، وكأن المغرب معزول عن العالم الخارجي إلا عبر شاشات الهواتف.
ما الذي يمكن أن تقدمه وزارة الشباب؟
1- إشراك حقيقي للشباب
حان الوقت أن يكون الشباب شركاء حقيقيين في صناعة القرار، لا مجرد جمهور يصفق في المؤتمرات. المطلوب: إنشاء مجالس شبابية تمثل كل جهات المملكة، وتكون جزءًا من رسم السياسات الوطنية حيث أن أفرداها يتغيرون ويستبدلون ضمن آليات معينة كل فترة فهذه الشرعية حق للجميع .
2- تحديث المراكز الشبابية
تحويل المراكز من قاعات إسمنتية خاوية إلى منصات للإبداع، حاضنات للمشاريع، ومساحات حرة تتيح للشباب التعبير عن أنفسهم ورصد وإدماجهم .
3- فتح بوابات العالم للشباب المغربي
لماذا لا تبني الوزارة شراكات إقليمية ودولية مع مؤسسات شبابية رائدة؟
لماذا لا تطلق منح تبادل خبرات مع شباب دول أخرى، لنتعلم من تجاربهم وننقل تجاربنا؟
لماذا لا نرى معسكرات شبابية إقليمية تجعل من المغرب مركزًا لإنتاج الأفكار وتصديرها بدلًا من استهلاكها؟
4- دعم الصحة النفسية للشباب
إن شبابًا مضغوطًا ومحبطًا لا يمكنه البناء. المطلوب برامج حقيقية لدعم الصحة النفسية والتفريغ الانفعالي للشباب، عبر فرق متخصصة ومبادرات مجتمعية.
5- ربط التعليم بسوق العمل
آن الأوان للخروج من عباءة الشهادات الجامعية إلى المهارات العملية. الوزارة تستطيع بناء شراكات مع القطاع الخاص لتدريب الشباب وتأهيلهم مباشرة لاحتياجات السوق.
فلسفة جديدة للشباب المغربي
الشباب ليسوا عبئًا اقتصاديًا، ولا رقمًا انتخابيًا مؤقتًا. إنهم أمل الوطن، وعقله، وقلبه النابض. في كل شاب مغربي فكرة قابلة للانفجار، وابتكار قادر على تغيير مجرى الأمور، لكنهم بحاجة لوزارة تعرف كيف تفتح النوافذ بدل أن تغلق الأبواب.
الشباب المغربي يريد أن يحيا في وطن يُشبه طموحه، لا أن يغادره حاملًا حقيبته وخيبته معًا. يريد أن يتن اعتباره شريكًا لا تابعًا، صانعًا لا مستهلكًا، قائدًا لا متفرجًا.

