عدنان مخلص – اروى بريس
بعد 27 سنة من تطبيق القانون الإطار رقم 18.95 بمثابة ميثاق للاستثمارات،وبعد العديد من المحاولات الفاشلة خلال السنوات الماضية ، تواصل الحكومة المغربية برئاسة السيد عزيز أخنوش، جهودها الرامية للإسراع في إصدار ميثاق جديد للإستثمار 03.22 يتدارك نواقص وثغرات القديم،ويساهم بشكل كبير ومحفز في توفير البيئة السليمة للمستثمرين سواء كانوا مغاربة أو أجانب،للإستفادة من الفرص الكبيرة التي يتيحها المغرب بمختلف جهاته.
وذلك تماشيا مع التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وآيده ،خصوصا خلال خطابه الموجه للبرلمان في إفتتاح السنة التشريعية الحالية.
وتعد مضامين مشروع الميثاق الجديد للإستثمار، من خلال الصيغة الحالية التي قطعت أشواطا مهمة في مسار التشريع ،من الأولويات التي نص عليها النموذج التنموي الجديد،وكذا مرتكزات البرنامج الحكومي الطامحة لخلق مليون فرصة عمل خلال سنوات ولايتها ، وتحقيق العدالة المجالية في توزيع الاستثمارات بين أقاليم وجهات المملكة، وتحفيز الاستثمار في القطاعات التي تم تحديدها كقطاعات مستقبلية.
الميثاق الجديد الذي يهدف بالأساس إلى تغيير التوجه الحالي والذي تصل فيه نسبة الاستثمار الخاص لثلث الاستثمار الإجمالي فقط، فيما يشكل الاستثمار العمومي الثلثين. سيعمل لعكس هذه المعطيات في أفق سنة 2035 ليحقق الإستثمار الخاص نسبة الثلثين .مع العمل على الرفع من الصادرات وتواجد المقاولات المغربية بقوة على الصعيد الدولي، وتشجيع تعويض الواردات بالإنتاج المحلي.حيث يبقى مشروع طموح لكن راهنية مردوديته تتجاوز إصدار القانون الإطار لما هو متعلق بكل ما يخص المراجعة والتفعيل الحقيقي لكل القوانين والتشريعات المرتبطة بتجويد مناخ العمل لتحقيق النجاعة المرجوة والنمو الاقتصادي المطلوب الذي من شأنه أن ينعكس في الأخير على المواطنين من خلال تحسين مستوى معيشتهم.
وعلى هذا الأساس، فسن مجموعة من الإصلاحات ،القاضية بمحاربة الرشوة والفساد.والسهر فعليا على تجسيدها من خلال أجرئتها واقعيا بشكل حيادي وبدون محاباة أو محسوبية.كفيل بجذب العديد من المستثمرين الذين يتفادى عدد منهم خوض تجربة الإستثمار بناء على دراسات بعض المؤسسات الدولية التي تضع المغرب في رتب متقدمة فيما يتعلق بإنتشار الرشوة والفساد،أو بناءا على اطلاعهم على تجارب مستثمرين سابقين خاصة من الجالية المغربية بالخارج الذي يطمح الميثاق الجديد لإستقطابهم بشكل كبير.
كما أن ضرورة العمل بشكل مستعجل على فصل المجالين السياسي والاقتصادي، بالشكل الذي يضمن عدم تسهيل خدمة المصالح الخاصة على حساب المصالح العامة، والحد من إقتصاد الريع مع تطبيق مبدأ المساءلة في جميع مستويات الإدارة،سيعيد للمؤسسات الثقة والصدقية اللازمتين لرفع من الحماس والرغبة لدى الفاعلين الإقتصاديين مغاربة وأجانب لخوض تجربة الإستثمار بمختلف القطاعات والجهات بالمملكة.
بالإضافة إلى ذلك فإن تسهيل وتبسيط المساطر الإدارية وتطبيق مبدأ الشباك الوحيد، مع تحديد مسؤوليات كل المتدخلين وضبط الآجال القانونية، مع العمل على رقمنة مختلف العمليات المنجزة من قبل الإدارة كفيل بالارتقاء بمناخ الأعمال وتجاوز كل المعوقات الإدارية وبالتالي تحفيز الرأسمال بالشكل الذي يساهم في تحقيق الأهداف المنشودة.
وفي اعتقادي الشخصي فإن تطوير مختلف التشريعات الخاصة والمواكبة للقانون الإطار بمثابة ميثاق للإستثمار، من أجل تحقيق نجاعة أفضل. ستبقى دون قيمة فعلية في حالة عدم تواجد مؤسسة وطنية ذات فروع جهوية متخصصة أساسا بالتتبع والتنزيل السليم لمختلف المقتضيات وفق مبادئ تتسم بالصرامة والحيادية في تناول ومعالجة كل الإشكالات الواردة عليها.