اروى بريس- يونس لقطارني
لقد كان لأزمة كورونا إيجابيات وفوائد متعددة للدولة المغربية بكل مؤسساتها الرسمية وقطاعاتها العمومية؛؛ فقد حفزتنا الأزمة ودفعتنا إلى الاعتماد على الذات؛ واعطتنا تمرين عملي حقيقي للتدرب على كيفية إدارة الأزمات بكل شفافية ومهنية وحرفية عالية؛ واولى هذه الايجابيات والفوائد فقد تمثلت بالتكاتف المجتمعي الإنساني العفوي في مناصرة كل طبقات و شرائح المجتمع الذين تضرروا معيشيا من الأزمة من خلال التبرعات التي قدمت لصندوق جائحة كورونا ؛ وتقديم الدعم المادي والعيني لوزارة الصحة؛ في حين كانت الإيجابية الثانية بتغير أنماط وسلوكيات المجتمع المغربي نحو الأفضل في الترشيد والزهد المعيشي؛ وتغيير بعض أنماط العادات والتقاليد والمظاهر الإجتماعية التي تعتبر من الترف والإسراف؛ والتقليل من الإعتماد على السيارات ووسائل النقل ؛ بالإضافة إلى تراجع استهلاك الوقود خلال هذه الأزمة لعدم استخدام السيارات سواء الخاصة أو الحكومية منها؛ وهذا خفض من فاتورة النفط المنزلية على مستوى العائلة والفاتورة الوطنية على مستوى الدولة؛ علاوة على نقص حوادث السير إلى درجة الصفر والتي كانت تؤرقنا وتحصد العدد الكبير من احباءنا وكوادرنا البشرية ؛
بينما الإيجابية الثالثة فتركزت على الوزراء وتغيير اسلوب تعاملهم مع المواطنين؛ وأظهرت عيوب بعض الوزراء وبينت لنا من هو الوزير الكفؤ من الوزير الضعيف؛ وأن الوزارة جهد وعمل ميداني حقيقي وليس منصب رفاهية وجاه او تشريف؛ بل اصبح يرتبط بالعمل والأداء وتنفيذ الواجبات الموكل له بكل حرفية ومهنية عالية المستوى لينجو من النقد الإعلامي والمجتمعي؛ وبالنسبة للايجابية الرابعة فهي موجهة للسياحة؛ فعلى وزارة السياحة انتهاز فرصة توقف وتعطل السياحة الخارجية أمام المغاربة بسبب إغلاق الحدود لتشجيع السياحة الداخلية وتنميتها وتطويرها نحو الأفضل بما يحد من هدر العملات الصعبة للخارج من قبل السياح المغاربة؛
أما الإيجابية الخامسة فكانت من نصيب القطاع الصناعي الذي طور أدواته الصناعية وبالأخص في مجال صناعة الأغذية والدواء والأجهزة والأدوات الطبية كالكمامات والملابس الطبية الوقائية للوباء وأدوات التعقيم؛ فارتفعت حجم وكمية الإنتاج إلى أرقام قياسية مقارنة مع ما كان ينتج قبل الأزمة؛ وهذا النمو الإنتاجي والصناعي كان بفضل التوجيهات الملكية السامية بالتركيز على هذا الجانب؛ بحيث أصبح المغرب قادر على التصدير إلى دول العالم وخصوصا افريقيا، وتلبية احتياجاتهم الضرورية من أدوات السلامة العامة في ظل الأزمة على الرغم أن معظم دول العالم أوقفت صادراتها من هذه المواد والأدوات؛ كما استطاع المغرب أن ينشط ويشجع الحركة الزراعية لتبقى عجلة الإقتصاد الزراعي عاملة دون توقف بما يحفظ حقوق المزارعين؛ ويوفر الأمن الغذائي للمغاربة . لقد أثبتت الدولة بقيادة صاحب الجلالة حفظه الله ونصره، على قدرتها على مواجهة الأزمات والتي قد تستمر لمدة أطول من خلال تصحيح لكثير من الأخطاء في الإسراف غير المبرر من قبل الوزراء والنواب والاعيان ومن على مستواهم ولكافة مؤسسات الدولة؛ وسيؤدي هذا الصعود الإضطراري إلى تصحيح عدد من الأخطاء الإدارية والمالية؛
وشكل هذا الصعود الإضطراري الاعتماد على الذات في كل شيء بدل من الإعتماد على الآخرين كما تعودنا دائما؛ وقد نجحنا بحمد الله وفضله؛ وبهمة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه ومساندة الشعب المغربي له ووقوفهم خلف قيادته ودعم قراراته.
لذلك يجب إعادة النظر في مختلف السياسات الناظمة للدولة المغربية وأخذ العبر والدروس من هذه الأزمة وتحديد أوجه القصور والنواقص لتصويبها في المستقبل بعد انتهاء الأزمة وخصوصا في مجال الضمانات والتأمينات الإجتماعية؛ كما كشفت الأزمة أن لدينا كفاءات إقتصادية قادرة على إدارة دفة الإقتصاد وتوجيهه والسير به نحو بر الأمان .
إن نجاح الصعود الإضطراري جاء من خلال تعاضد كافة أركان الدولة كاملة التي عملت بروح الفريق الواحد وعلى مدار الساعة دون كلل أو ملل؛ فهذه الازمة تمكنت من شحن الارادة الوطنية للبدء من جديد في مرحلة عنوانها الإنتاج والاعتماد على الذات. ولن تستطيع قوى الشد العكسي من ايقاف هذه الارادة التي توحدت فيها ارادة الوطن قيادة وشعبا. ولن يعود المغرب دولة معتمدة على الغير كما كان في السابق؛ حفظ الله المغرب وقيادته وشعبه من كل مكروه