أكد العديد من الباحثين والأطباء النفسيين المغاربة، أن تأثير فيروس “كورونا” على الأطفال لن يزول مع رفع الحجر الصحي، وذلك في الندوة العلمية الرقمية التي نظمتها جمعية الطب النفسي المغربية، وجمعية طب الأطفال، يوم الأربعاء الماضي، تحت عنوان “الأطفال والمراهقون في مواجهة فيروس كورونا والحجر الصحي”.
الندوة التي دامت لمدة ثلاث ساعات، تناوب فيها 11 طبيبا نفسيا وإخصائيا في طب الأطفال، للحديث عن آثار الحجر الصحي على الأطفال، وخاصة النفسية منها، مؤكدين أن الحجر جعل نفسية الأطفال على المحك.
من جهتها، قالت نوال الخمليشي وهي طبيبة نفسية للأطفال ورئيسة الجمعية المغربية لطب نفس الأطفال والمهن المرتبطة به، إن الأطفال يعيشون في جو مثير للقلق الشديد مرتبط بالمرض والحجر، ويمكن لهذا السياق أن يولد أعراضًا سريرية معينة عندهم تختلف وفقًا لسن الأطفال، ناهيك عن العنف الأسري الذي تفاقم خلال الحجر.
وأشارت الخمليشي أنه مع ذلك فقد تكيف أطفال آخرون بشكل جيد للغاية مع الحجر الصحي، فقد أعطت هذه الأزمة فرصة لبعض العائلات للحوار بشكل أكبر.
لكن بالنسبة لكثير من الأطفال، تشرح الخمليشي، فقد تسبب الحجر الصحي في حدوث اضطرابات لهم لأنهم لم يتكيفوا معها، وهذا ينطبق خصوصا على حالة الأطفال الذين سبق أن ترددوا على معالجين نفسيين، أو مصححي النطق أو أطباء نفسيين.
وأكدت الخمليشي أن الانخفاض الكبير في الاستشارات النفسية أدى إلى تفاقم بعض الاضطرابات، وحتى حدوث بعض الانتكاسات النفسية للأطفال.
من جانبه قال الدكتور حسن كيسرا أستاذ التعليم العالي في الطب النفسي ورئيس قسم الطب النفسي للأطفال في مستشفى الرازي بسلا، إنه تلقى سيلا كبيرا من مكالمات الآباء القلقين بسبب زيادة الاضطرابات النفسية عند أطفالهم.
وأشار أن القلق لا يصنف عادة كاضطراب نفسي خطير، لكن في هذه الفترة قد يؤدي إلى مشاكل كثيرة، حيث أن العديد من الأطفال يعانون من صعوبة في النوم.
وأكد نفس الطبيب أن نهاية الوباء لن تعني نهاية التأثير النفسي للحجر، لأن جميع الدراسات التي قيمت الحالة النفسية للأطفال في أوقات الكوارث، سواء كانت كوارث طبيعية أو حروب، أجمعت أنها تسبب معاناة كبيرة الأطفال، فهم يعانون مثل الكبار، باستثناء أنهم أكثر قدرة على إخفاء مظاهر القلق.
وحذر ذات الطبيب النفسي من أن “هؤلاء الأطفال والمراهقين هم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات مزاجية، إضافة إلى اضطرابات في الأكل والنوم، قد تصل إلى الاكتئاب، أو إلى الإدمان، كما قد تفرز بعض المشاكل مستقبلا مثل رهاب المدرسة”.
وأكد أن قلق الأطفال يزيد من قلق الوالدين، والعكس صحيح، فنحن أمام حلقة مفرغة يمكن أن تولد “وباء القلق”، وهو أمر يتضاعف خاصة بالنسبة للأطفال الذين يعانون من التوحد.