يونس لقطارني-اسبانيا
إذا كان الاسبانيون يعانون من تداعيات فيروس كورونا المستجد على أحوالهم المعيشية، كغيرهم من بقية شعوب العالم، فإن الوضع يزداد سوءًا مع أبناء الجالية المغربية المقيمين في اسبانيا ، فبين مطرقة تأجيل حلم العودة للوطن في ظل غلق كل المعابر الجوية والحدودية وسندان تفاقم الأزمات الاقتصادية، يقبع المغاربة على أرصفة الصبر في انتظار المصير.
محال تجارية أغلقت ومقاهٍ علا جدرانها التراب ومشروعات توقفت فجأة ومعونات دولية تناقصت بشكل كبير ومضايقات أمنية بين الحين والآخر وتنمر عنصري لأسباب سياسية وضغوط نفسية حادة واشتياق – خارج نطاق الإشباع مؤقتًا – للعودة للأهل والوطن، حصار داخل الحصار وعزلة من رحم عزلة، أوجاع كثيرة تزيد آلام واحدة من أكبر الجاليات العالمية والعربية في اسبانيا ، إن لم تكن الأكبر على الإطلاق.
كانت اسبانيا ولا تزال القبلة الأكثر استهدافًا لكثير من المغاربة ، وخلال العقود الماضية تحولت إلى مقصد الجميع باختلاف دوافعهم، الفارين من أتون الظلم والقهر والحرمان، و الباحثين عن العلاج وفرص العمل، و الهاربين من بطش السلطات المغربية باحثين عن مستقبل افضل.
معاناة مستمرة
تعيش الغالبية العظمى من الجالية المغربية في اسبانيا في أوضاع معيشية متدنية، حيث يفتقر الكثير منهم لمقومات الحياة الكريمة في ظل الضغوط الاقتصادية المتواصلة التي دفعت شريحة كبيرة من المغاربة إلى امتهان بعض الأعمال ضعيفة الدخل، كثيرة المشقة، في محاولة لتوفير ما يسد الرمق.
جولة سريعة داخل شوارع بعض المدن الاسبانية ، تكشف لك جزءًا من هذه المعاناة ، حيث يفترش المغاربة أرصفة الطرقات ويسكنون اكياس بلاستيكية فى الضيعات الفلاحية بدون مجاري صحية فى صورة يندي لها جبين البشرية .و تزداد المعاناة مع حرمان الكثير من المغاربة من العودة لبلادهم بسبب غلق الحدود ووقف حركة الطيران، ضمن الإجراءات الاحترازية المتبعة لمواجهة وباء كورونا.
و تفتقر الجالية المغربية لأي مكان ثابت يجمع أعضاءها على غرار الجاليات الاخري ،لأسباب بعضها يتعلق بالبيروقراطية والآخر بالضوابط الأمنية التي تتعامل مع الجاليات الأجنبية بشيء من الحساسية والحذر، وغياب تام للمجالس الجالية والجمعيات والهيئات الدبلوماسية التي تلتهم فقط الميزانية دون ان تكلف نفسها عناء الاهتمام بابناء جاليتنا باسبانيا.
كورونا تزيد الأوجاع
جاءت أزمة كورونا لتزيد أوجاع الجالية المغربية ، حيث سقطت معظم المشروعات التي يعمل بها المعاربة تحت مقصلة الإجراءات الاحترازية التي أغلقت العديد من الأنشطة الاقتصادية على رأسها أماكن الترفيه والمقاهي التي تتصدر قائمة المشروعات المغربية في اسبانيا.
وهكذا تستمر معاناة الجالية المغربية في اسبانيا ، فيما ينتظر الجميع ما ستسفر عنه الأيام القادمة التي سترسم بشكل كبير مستقبل بقائهم من عدمه، غير أن عالمية الأزمة الناتجة عن كورونا ستدفع الكثير منهم إلى إعادة التفكير في مسألة العودة لبلادهم لا سيما أن الأوضاع في المغرب لم تكن أفضل حالًا مما عليه في اسبانيا.