أروى بريس
قال عبد اللطيف والي بنك المغرب إن المجهود المالي الذي قامت به الدولة من أجل مواجهة تداعيات الأزمة الوبائية على الاقتصاد الوطني، تسبب في تفاقم عجز الميزانية العامة وارتفاع الدين العمومي إلى مستوى لا يمكن تصوره. وأوضح الجواهري خلال لقاء صحفي أول أمس عقب اجتماع المجلس التنفيذي لبنك المغرب، أن مستوى الدين العمومي الذي كان لا يتعدى 65 في المائة من الناتج الداخلي الخام، انتقل بسرعة إلى 80 في المائة ثم إلى أزيد من 81 في المائة.
وإزاء هذا الوضع الذي فرضته الأزمة الصحية غير المسبوقة، دعا والي بنك المغرب إلى ضرورة العمل في المدى المتوسط على استرجاع التوازن المطلوب من أجل التحكم في مستوى الدين العمومي، قائلا: «خلال هذه الأزمة أبدت المؤسسات المالية الدولية، ومعها مؤسسات التنقيط والتصنيف الائتماني، نوعا من التساهل مع ارتفاع مستوى الدين العام ب10 نقط من الناتج الداخلي الخام، غير أن هذه المؤسسات توصي بضرورة استعادة التوازن للمالية العمومية، وهو ما نتتبعه عن كثب مع وزارة الاقتصاد والمالية».
واعتبر والي البنك المركزي أن الدين العمومي في المغرب يتسم مع ذلك بنوع من الخصوصية، حيث إن مستوى المديونية الخارجية يظل محدودا عكس العديد من الدول التي تعاني من ارتفاع كبير للدين الخارجي، وسرعان ما تقع المشاكل وتتجلى الصعوبات عندما تظهر أزمة على مستوى الاحتياطات الخارجية، حيث تضطر الدولة للجوء إلى صندوق النقد الدولي الذي لا يتردد في فرض إملاءاته وشروطه، كما هو الحال عليه في تونس والأردن ومصر..
ولمواجهة التحديات التي فرضتها الجائحة على الاقتصاد الوطني، اعتبر الجواهري أن الأمر الأهم اليوم هو الإسراع في تنزيل الخطة التي كان جلالة الملك محمد السادس قد أعلنها في خطاب الذكرى الحادية والعشرين لاعتلائه العرش ، والرامية إلى ضخ 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني لإخراجه من الأزمة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا. وقال الجواهري إن البرلمان يسارع الخطى من أجل المصادقة على القوانين التأطيرية لهذا المشروع قبل نهاية الولاية .
وبناء عليه، توقع الجواهري أن يواصل النشاط الاقتصادي انتعاشه، مدعوما بمخطط الإقلاع الذي خصص له مبلغ 120 مليار درهم وبالتوجه التيسيري للسياسة النقدية وبالعودة النسبية للثقة، على إثر التقدم المحرز في حملة التلقيح، وكذا بالنظر إلى الأوضاع المناخية المواتية التي تطبع الموسم الفلاحي الحالي. إلا أن هذه الآفاق لاتزال محاطة بالكثير من الشكوك، وترتبط على الخصوص بتطور الوضعية الوبائية ومدى توفر اللقاح وطنيا ودوليا. وبالتالي، يتوقع بنك المغرب أن تتزايد القيمة المضافة غير الفلاحية بنسبة 3,5% سنة 2021، فيما يرتقب أن تتنامى القيمة المضافة الفلاحية بواقع %17,6، أخذا في الاعتبار توقع إنتاج حوالي 95 مليون قنطار من الحبوب، لتصل بذلك نسبة نمو الاقتصاد الوطني إلى %5,3. وفي سنة 2022، ينتظر أن يتعزز هذا النمو إلى 3,2%، بفعل تسارع مكونه غير الفلاحي إلى 3,8% وتراجع القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 2%، مع افتراض العودة إلى تحقيق ما متوسطه 75 مليون قنطار من إنتاج الحبوب.