أروى بريس
كشف تقرير رسمي حديث “للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة” أن مستويات الفساد في البلاد شهدت منحنى تصاعدي ,وإن النتائج التي حصل عليها المغرب تبقى غير مُرضِية للغاية، إذ جرى تسجيل تطور سلبي بالنسبة لجميع المؤشرات، لافتاً إلى أن مؤشر فساد القطاع العام شهد تحسُّناً نسبياً في التنقيط المحصل عليه بنسبة 3 في المئة، ولكن مقابل ذلك سجل تدنياً في ترتيبه الذي انخفض بشكل ملحوظ بمقدار 13 رتبة.
بالرجوع إلى الفترة الممتدة من 2012 إلى 2020، سجل المغرب أداء سلبياً على مستوى جميع المؤشرات باستثناء مؤشر الفساد القضائي. وشهدت البلاد، وفق التقرير الذي تلقت “القدس العربي” نسخة منه، تحسناً بنسبة 24 في المئة، حيث احتل مركزه 12 رتبة، مشيراً إلى أن المغرب كان في وضعية أفضل، حيث احتل المرتبة 87 سنة 2019 قبل أن يتراجع إلى المرتبة 93 في آخر تصنيف سنة 2020.
وحسب مؤشر إدراك الفساد برسم 2020، فإن حصول المغرب على 100 /40 يجعله متراجعاً بنقطة واحدة مقارنة مع 2019. كما نبه إلى أن التدابير الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة المغربية لمواجهة جائحة “كورونا” تفتقر إلى متطلبات تضمن الشفافية والرقابة، لا سـيما فيما يتعلق بالمشتريات العامة، كما سمحت بإعفاءات خاصة لا تخضع الحكومة للمساءلة عنها، مؤكداً امتداد هذه المبادرات إلى مجالات أخرى تشكل مخاطـر قد تكون كبيرة من حيـث سوء إدارة الأموال والفساد.
وأورد التقرير السنوي، الذي يقع في 170 صفحة، وينقسم إلى أربعة أقسام، أن الفترة المغطاة عرفت مجموعة من الانتهـاكات طالت حرية التعبير والصحافة، بما في ذلك اعتقال وسجن صحافيين من بـين أولئك الذين ينتقدون السلطات العامة، أو يحققون في قضايا الفساد، أو يسلطون الضوء على نقص الشفافية الحكومية.
وفي إطار مؤشر الثقة الذي يصدره سـنوياً “المعهد المغـربي لتحليل السياسات”، عبَّر 35 في المئة من المستجوبين عن رضاهم على مجهودات الحكومة في مجال مكافحة الفساد، في حين يعتقد 52 في المئة من المستجوبين أن الحكومة تحاول محاربة الفساد ولكن لا تستطيع القيام بأكثر مما تقوم به حالياً. وقال 9 في المئة فقط أنها تبذل ما فيه الكفاية من أجل ذلك، وأكد 39 في المئة أن الحكومة لا تبذل ما فيه الكفاية لمحاربة الفساد.
وحسب ذات المؤشر، يورد التقرير السنوي الثاني من نوعه الصادر عن “الهيئة الوطنية المغربية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها”، أن قطاع الصحة يحتل مستويات عليا في تصور المستجوبين بخصوص انتشار الفساد؛ حيث اعتبر 87 في المئة منهم أن الفساد منتشر في هذا القطاع، مقابل 58 في المئة اعتبروه متفشياً جداً، و29 في المئة متفشيا، واعتبر 55 في المئة من المستجوبين أن الرشوة والمحسوبية منتشرة في قطاع الصحة الخصوصي.
ويأتي في المرتبة الثانية من حيث انتشار الفساد حسب إدراكات المستجوبين، قطاع التعليم؛ حيث اعتبر 48 من المستجوبين أن الفساد منتشر في هذا القطاع، منهم 20 في المئة تعتبره متفشياً جداً، و28 في المئة تعتبره متفشياً. وتصل هذه النسبة إلى 45 في المئة بالنسبة للتعليم الخصوصي، منها 17 في المئة تعتقد أنه متفش جداً و28 في المئة متفش.
ولاستظهار وضعية الفساد في المغرب من زاوية المتابعات القضائية، سجل تقرير رئيس النيابة العامة تلقي الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة منذ انطلاقه بتاريخ 14 أيار/ مايو 2018 إلى حدود 31 ديسمبر/ كانون الأول 2019 حوالي 36138 مكالمة، بمعدل 110 مكالمة يومياً، علماً أن الخط المباشر يستقبل المكالمات خلال أيام وأوقات العمل الرسمية فقط.
وأفضى هذا الخط، حسب تقرير رئيس النيابة العامة، إلى 117 عملية ضبط للمشتبه فيهم في حالة تلبس، بمعدل حالتين تقريباً كل أسبوع بمناطق مختلفة من المغرب، وتتعلق برشاوى تتراوح بين مبالغ بسيطة لا تتعدى 50 درهماً ومبالغ مهمة بلغت في إحدى الحالات 300.000 درهم. كما أن القطاعات التي يتعامل معها المواطن بشكل يومي هي المعنية أكثر بالحالات التي تم ضبطها.
وتهم القطاعات المعنية بحالات التَّلبس التي تم ضبطها، أعوان ورجال السلطة (30 حالة)، أعوان الجماعات المحلية/البلديات (22 حالة)، والدرك الملكي والأمن الوطني والوقاية المدنية والقوات المساعدة والمياه والغابات (22 حالة)، ووسطاء (10 حالات)، وفي قطاع الصحة (9 حالات)، وقطاع العدالة (6 حالات)، وقطاع التجهيز والنقل (4 حالات)، ومستخدمين (4 حالات)، قطاعات أخرى (10 حالات). وقد صدرت بشأنها عقوبات سالبة للحرية وغرامات، كم صدرت أحكام بالبراءة. وتتراوح العقوبات المحكوم بها بين شهر واحد وسنة واحدة حبساً نافذاً، وما تزال قضايا أخرى في طور التحقيق أو المحاكمة.
وبخصوص جرائم الفساد المعروضة أمام أقسام الجرائم المالية، أكد تقرير رئيس النيابة العامة أن الحاجة ما زالت ماسة إلى بذل المزيد من الجهد من أجل تحقيق الغاية المرجوة من إحداث هاته الأقسام، خاصة بعدما لوحظ أن عدد المخالفات من القضايا المعروضة أمامها ما يزال كبيراً، كما أن بعض القضايا ما زالت لدى الشرطة القضائية رغم مرور أمد طويل على فتح الأبحاث بشأنها.
إلى ذلك، أوضح تحليل تطور تصنيف مصادر البيانات السبعة المستخدمة في حساب مؤشر مدركات الفساد بين عامي 2019 و2020، أن المغرب سجل استقراراً على مستوى التنقيط بالنسبة لمعظم مصادر البيانات باستثناء انخفاض على مستوى مصدرين اثنين، وهما مصدر البيانات المتعلق بمشروع العدالة العالمية (WJP) الذي انخفض تنقيطه بمقدار نقطة واحدة في عام 2020 مقارنة مع عام 2019، من 39 إلى 38، بالإضافة إلى تراجع بنقطة واحدة بالنسبة لمصدر البيانات المتعلق بمشروع أنماط الديمقراطية (V-Dem)، حيث انتقلت النتيجة من 44 في 2019 إلى 43 في 2020.